أذكر أن أول عمل قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بعد تسلمه مقاليد الحكم هو زيارة بيوت الفقراء والمساكين في الرياض ورأى فيها ما رأى. وقد اصدر توجيهاته في الحال وعلى الفور بإعداد استراتيجية شاملة لمكافحة الفقر في الوطن.. ومر على هذا التوجيه أكثر من خمس سنوات ولم نر شيئاً على أرض الواقع لهذا المشروع المهم.. لا من وزارة المالية ولا من وزارة الاقتصاد والتخطيط. ولا من أية جهة أخرى معنية بالأمر. وقد كتب الزميل هاشم عبده هاشم في الزميلة الرياض في زاويته اليومية بتاريخ 24 صفر 1432ه مقالاً عن هذا الموضوع اشار فيه بشفافية واضحة ان معدل نسبة الفقراء في تزايد في الوقت الذي ترتفع فيه تكاليف المعيشة.. وتتفاقم الأسعار وفي الوقت الذي يحدثنا فيه وزير المالية عن نمو الاقتصاد.. وتحسن فرص الانتعاش.. وفي الوقت الذي يتحدث فيه محافظ هيئة الاستثمار عن ارتفاع معدلات تدفق رأس المال الأجنبي الى المملكة للاستثمار فيها.. وفي الوقت الذي يعلن وزير الخدمة المدنية عن الاستمرار في التوظيف.. وفي الوقت الذي يبشرنا وزير العمل بالحلول العملية لمشاكل السعودة ايضا. مضيفاً الزميل "هاشم" ولا ندري من نصدق؟ هل نصدق هذه التصريحات الرسمية المقترنة بالأرقام المعلنة.. او نصدق هذه الاعداد من المتسولين المواطنين في جميع المدن. واذا كانت هذه الحال في المدن.. فما هي الحال في القرى والهجر النائية.. وهي التي يتواجد فيها الاعداد الكبيرة من المحتاجين ولكن العفة.. والكرامة.. والعزة تمنعهم من النزول الى الشوارع.. أو الذهاب إلى بيوت الموسرين.. وطرق أبوابهم.. او الوقوف طويلاً في طوابير امام شركاتهم ومؤسساتهم ومنازلهم.. كما نلاحظ ذلك في العديد من المدن الكبرى. إنما يطالب به ان يقول اصحاب المعالي الوزراء اين تكمن المشكلة؟! ومتى سيوضع سقف للفقر؟ وما هي الخطط والبرامج الزمنية لمكافحته؟! وهل استطعنا ان نتعرف على حجم الفقراء في كل مدينة وقرية حتى نرسم خططاً وبرامج على اساس تلك الاحصائية؟ واذا وصلنا الى ذلك.. امكننا من معرفة انواع الفقر الموجود لدينا.. وما هي أسبابها؟! وكيف نستطيع ان نعالجها بمستوياتها المختلفة.. ووفق خطط مناطقية تناسب طبيعة كل منطقة. وعن نفس الموضوع يشير استاذي القدير عبدالله خياط في الزميلة عكاظ بعنوان "بلايين الفقر" يشير الى أن الدولة اعتمدت عشرة آلاف مليون ريال، ولكن الجهات المسؤولة لم تتخذ حتى الآن أية خطوة لتنفيذ اي برنامج يتم من خلاله مكافحة الفقر، والشواهد على ذلك اكثر من أن تحصى. وعن نفس الموضوع نشرت الجريدة نفسها عن حالة "17" أسرة تعيش تحت خط الفقر في حي شعبي بمكة المكرمة في حي منطقة العمرة ، كما اوضح التقرير أن منازل الاسر بدائية حيث شيدت من اسقف خشبية وبعضها مغطى بالصفيح مما حال دون مقاومتها للامطار الاخيرة وعرض ما بها من اثاث متواضع للتلف. كما تضمن التقرير لجوء ربات المنازل الى الحطب لاعداد وجبات الطعام جراء عدم قدرتهن على توفير اجرة انبوبة الغاز. إن ما اشير اليه آنفاً عن هذا الموضوع المهم يحتاج الى اهتمام وعناية قصوى من الجهات المسؤولة للمسارعة في الالتفات والنظر الى هذا الموضوع بشكل سريع وايجابي يضمن للفقراء والمحتاجين عيشاً كريماً ،كما أن على ادارات البنوك ورجال الاعمال والموسرين واجباً وطنياً تجاه اخوانهم المواطنين المحتاجين فهم منا ونحن منهم. من خلال جمعيات امينة ومسؤولة توزع احتياجاتهم عليهم في مساكنهم تحافظ على كرامتهم وإنسانيتهم.. والله ولي التوفيق.