ويمضي الاصدقاء تباعاً.. نودع اليوم واحداً لنتأهب لوداع آخر في يوم قريب او يوم ليس بقريب.. لأن الكل سيمضي ويغادر دنيانا عاجلا او آجلا "كل نفس ذائقة الموت" وتختلف أيام الرحيل بين واحد وآخر.. كما (لا تدري نفس بأي ارض تموت) ذلك في علم الغيب والله وحده علام الغيوب. ليتنا نعي ذلك ونهيئ النفس للقاء الاخير فلا نقيم لهذه الحياة وزناً ولا نحسب حساباً إلا فيما يرضي وجه الله ذلك هو ما يذهب معنا ويعود الاحبة الى مقارهم وتظل تفاهات الحياة ليتصارع حولها الاحياء.. علي السليمان عرفته بالسويس هو والصديق حمد الشاوي في يوم واحد.. استقبلاني واسرتي الكبيرة عند (الرصيف) وانا اغادر الباخرة السودان هكذا كانت اول رحلة اقوم بها خارج الوطن كان ذلك عام 1379ه اي قبل ثلاثة وخمسين عاما. ابو عبد الوهاب الصديق الحبيب محمد الفهد العيسى هيأ من الرياض هذا الاستقبال ومن السويس مضى موكب الاسرة الكبيرة لتستقر في عمارة شمس بميدان التحرير. وتوطدت العلاقة بيني وبين ابي سليمان في جدة تجمعنا لقاءات اخرى خارج الوطن بباريس واليونان. وكان مثالا للوفاء دائم السؤال عن الاصدقاء كنت والصديق حمد نزوره دائماً بمنزله قبيل ان يقعده المرض ثم بعد ان لزم الفراش لزمن طويل حتى اصبح لم يقو على الكلام واضحت الزيارة تشق عليه , منحه الله قوة على الصبر لأعوام طوال - كان يريد ان يعبر ان يتكلم مع الزائرين ولكن قسوة المرض كانت تحول بينه وبين التعبير ولو بإشارة من اليد فكنا نشق عليه ونودعه.. اليوم نودعك يا ابا سليمان الوداع الاخير لتمضي الى رحاب هي خير وأبقى بين يدي غفور كريم بعباده رحيم .. ضاعف الله لك الاجر على صبر طويل وشملك بالرحمة وآلهم ذويك صبراً وعزاءً وكتب لك ولهم خير الجزاء . (إنا لله وإنا إليه راجعون).