كانت الأسرة في السابق تجتمع في اليوم الواحد ثلاث مرات على الأقل وهي أوقات الوجبات ؛بل إن بعض الأسر لا يكاد يفترق أفرادها إلا في وقت طلب الرزق في أول النهار ،حتى في مكان النوم كان كثير من الأسر تجمعها حجرة واحدة وذلك لقلة ذات اليد عند غالب الناس. هذا الاجتماع وعدم الافتراق كان مغذياً بشكل كبير للانتماء الأسري ومن ثم الانتماء الوطني. قد يتأخر رب الأسرة في عودته إلى المنزل فلا يطيب لأهل البيت أكل حتى يحضر ويجتمعون على طعام واحد ولو كلفهم هذا الأمر الانتظار لمدة ساعة أو أكثر ،حياة بسيطة تحيط بها مشاعر وأحاسيس على شكل شبكة تجعل من الصعوبة على أي شخص اختراق هذه الأسرة. ولو تأملنا حياة الناس اليوم لوجدنا هذه الاجتماعات والترابط تلاشت أو تكاد ،والسبب في ذلك أن البيوت أصبحت أشبه ما تكون بالفنادق . فكل فرد ينام في الوقت الذي يريد أن ينام فيه ويستيقظ في أي وقت شاء ،والطعام متوفر في كل وقت وكل يأكل في الوقت الذي يريده ،والدخول والخروج من وإلى البيت متاح بلا ضوابط . كل هذا أدى إلى ضعف الترابط الأسري مما أدى إلى ضعف في الانتماء الأسري . فقد يمرض أحد الأخوة ويمكث أخوه أيام عديدة ولم يقم بزيارته أو حتى بالاتصال عليه . علينا أن نعلم أن الأسرة هي صمام الأمان الأول والأهم تجاه جميع المخاطر التي تواجه المجتمع بشتى أنواعها . وإني من خلال هذا المقال أوجه الدعوة لكل المهتمين بالمجتمع الإسلامي من هيئات حكومية و أهلية وكتاب ومفكري وأكاديميين بإعطاء الأسرة حقها بعمل برامج ودورات وندوات ومشاريع تهتم بالأسرة كبناء كأساس لحياة المجتمع . صحيح هناك اهتمام ؛لكن الأمل يحدونا بأن نرى هذا الاهتمام ينطلق من كل المدن والقرى ومن كل صرح علمي ودعوي وصحفي أيضاً . فلا يخفى علينا جميعا أن المزيد من الأسر الصالحة العاملة يعني وطناً صالحاً منتجاً. [email protected]