لو جئنا الى واقع حال كثير من الادارات ووقفنا في أعمالها وفي بعض من يتولون المراكز لرأينا ان الاوضاع ليست كما ينبغي وان الرجل المناسب قد لا يكون مناسباً لدى صاحب الصلاحية فيها ولكن بحجة ان احقية الاختيار هي من يفصلها ويخيطها ويطرزها صاحب الصلاحية فيكلف من يرغب لشغل تلك المواقع القيادية فلا نجد في العديد منها ان الرجل المناسب قد وُضع وإنما يكون الاختيار للاسف الشديد مبنيا غالباً على أهواء شخصية من صاحب الصلاحية فيُعين غير المناسب ويتم دعمه وبقدرة قادر يتحول هذا المخلوق المدعوم من موظف صغير مجهول لا يعرف غير صاحب الصلاحية الى موظف رفيع المستوى تتسلط عليه الاضواء من كل مكان مع انه فاقد للامكانيات الادارية والقيادية ويحيط بمكتبه عدد من السكرتارية ما بين مدير مكتب ومساعد مدير وسكرتير اول وسكرتير ثاني وثالث وهذا يُقدم الشاهي وآخر يجيب البخور ومأمور استقبال وسنترال يرد ومرة يُطنش وكل هذا الهيلمان لا ينتج من وراءه للاسف الشديد اي عمل صالح او نتائج جيدة تُسهل للمراجعين طلباتهم او تطوير اهداف الإدارة لأن "القائد" على قد حاله في التفكير والإمكانيات فيكون هو من البراعم التي قدمها صاحب الصلاحية المطلقة ونتائج استغلال هذه الصلاحية المطلقة ستظهر في النهاية بأن يقوم كل رجل غير مناسب وضع في المكان غير المناسب باختيار مجموعة من المحسوبين اليه ليكون رجلا غير مناسب استعان هو الآخر برجل غير مناسب وهكذا تتدرج العملية الادارية الفاسدة من سيء الى اسوا فلا عجب عندها في حالة انتشار الفوضى ان تتضرر المصالح العامة والخاصة ولو ارادت جهة محاسبة المتسبب فان الصلاحيات في هذه الحالة هي الشماعة التي تُعلق عليها جميع الاخطاء فيزداد الفساد وتضرر مصالح العباد لان من يريد ان يُحاسب يُقال له صاحب صلاحية ولكل شيخ طريقته وطريقة بعض مدراء الإدارات اذا اراد ان يُعطل معاملة زعم انه لا يملك الصلاحيات لانجازها وان اراد ان يسرع بمعاملة اخرى تكون اصعب غير خطة اللعب وقال ان النظام مرن ومسخر لخدمة الناس وان اراد المواطن صاحب المعاملة المعطلة ان يشتكي من احوال هذا المسؤول الى مرجعه فان المراجع يعرف انه لا يمكن ان يتحقق من ذلك لمهارة المدير"العتقي" فيُحيل الشكوى له وعندها يجد المواطن ان معاملته قد حولت مرة اخرى الى المدير "العتقي" فتأخذ المعاملة عندها عشرة اعوام وقد لا تنتهي جزاءً له وردعاً لامثاله. نعم ان مثل هذه التصرفات الادارية السيئة لا يمكن ان تصدر الا من شخص غير مؤتمن على ما لديه من صلاحيات لانه في الاساس رجل غير مناسب عُين في المكان غير المناسب وصل اليه عن طريق اداري هو الآخر صاحب صلاحيات ادارية مطلقة جاء بها بهذا المخلوق من إدارة الى ادارة عليا في مكان حساس وحمل الأمانة فما رعاها حق رعايتها. لان من مكنه هو الآخر لا يُقدِّر الأمانة ولا يعرف في الإدارة غير المصلحة الخاصة وعين بهذه الطريقة من آخر على نفس الشاكلة. وأعود إلى مسألة الصلاحيات وأقول إن الواجب ان تُقنن الصلاحيات خصوصاً في اختيار الرجل المناسب في الوظيفة المناسبة حتى تستقيم الأمور إلى الأحسن من خلال وضع ضوابط للصلاحيات. لان اعطاء الصلاحيات الواسعة لاصحاب الوظائف القيادية وتركهم وعدم محاسبتهم فإن الوظائف القيادية المتوسطة التي هي باب لدخول الوظائف القيادية سوف تُشغل بولدنا وولد عمنا واصحابنا ونتائج مثل هذه الاختيارات المبنية على قرب هذا وابعاد هذا وخيمة على البلاد وعلى العباد. والله الموفق