تختلف حياة الموظفين بعد التقاعد اختلافاً كبيراً جداً ؛فطائفة منهم وللأسف الشديد تنظر إلى التقاعد وكأنه نهاية الحياة وانتهاء العلاقة بالناس وتزداد هذه الحالة كلما كانت وظيفة المتقاعد أكبر وأهم، ويصبح انطوائياً متقوقعاً على نفسه، وإذا حضر في مناسبة حضر وكأنه طائر قد كُسر جناحه، ويظن أن جميع الناس تشمت به ولا تكن له أي تقدير، مما يسبب له ولمن حوله مشاكل نفسية كثيرة. وهذا وللأسف الشديد يحدث بشكل أكبر لمن جعل الوظيفة مركباً لأغراضه الشخصية وساعد الناس على احترام الكرسي قبل احترامه. والعاقل يعلم أنه موظف سواء كبر منصبه أو صغره، وأن نهاية الوظيفة التقاعد، فليس هناك موظف سيبقى خالداً مخلداً في وظيفته والأمين يعلم أن هذه الوظيفة أمانة وكلما كبر المنصب كان أشد عليه في الحساب يوم القيامة. وهو مع هذا دائم التأمل لقوله صلى الله عليه وسلم :اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم، اللهم فأرفق به، ومن شق عليهم فأشقق عليه. لذلك عندما يحال إلى التقاعد يحال وهو طيب النفس منشرح الخاطر فقد عمل وفق استطاعته وإمكانياته ناظراً لمصلحة العمل والمواطن ومصلحة الأمة والوطن قبل ذلك. إنه ينظر إلى التقاعد على أنه فرصة له للنجاح في مجال آخر، فرصة له لتزود من الطاعات ومراجعة نفسه في التقصير في بعض العبادات والحقوق ؛فرصة له للمساهمة في الأعمال التطوعية التي تخدم المجتمع هنا وهناك. إنه يودع عمله وزملائه بابتسامة عريضة صادقة وهو يتمنى لهم التوفيق والسداد، وأن يخلفه في عمله من يكون أكثر نجاحاً ونشاطاً منه. إنه توفيق الله لمن يشاء من عباده ؛نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد. [email protected]