بدأ الكنسيت الإسرائيلي واحدة من أكثر دوراته الناضحة ب"العنصرية" و"الكراهية"، حيث من المقرر أن يناقش جملة من القوانين التي تكرس "يهودية" الدولة وعنصريتها و"قوتها الطاردة المركزية". أول هذه القوانين، "قانون المواطنة"، الذي اقرته حكومة نتنياهو بالغالبية الساحقة من وزرائه، ويفرض القانون الجديد على كل من يريد الحصول على "الجنسية الإسرائيلية" أداء قسم "الولاء" لإسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، ما حدا بجدعون ليفي من هآرتس أن ينشر مقالاً بعنوان "جمهورية إسرائيل اليهودية" على غرار "جمهورية إيران الإسلامية"، وما دفع بدان ميريدور من الليكود إلى وصف القانون "بالضار والزائد" الذي ستكون له عواقبه على سمعة إسرائيل ومكانتها، وبالأخص علاقاتها مع "عرب "48، المستهدف الأول بالقانون. ثاني هذه القوانين، "قانون النكبة"، الذي أُقر بالقراءة الأولى وسيعرض على الدورة الشتوية لإقراره نهائيا، ويقضي بقطع تمويل الحكومة عن كل حزب أو منظمة أو هيئة تتحدث عن "نكبة فلسطين" أو تحيي ذكراها، وهذا القانون مصمم بالأساس لمواجهة الأحزاب والقوائم العربية في مناطق 48. ثالث هذه القوانين، قانون "منع التحريض"، وبموجبه سيتم حبس أي شخص ومعاقبة أية جهة تنكر "حق إسرائيل في الوجود كوطن قومي للشعب اليهودي"، هذا القانون هو التجسيد "المحلي" إن جاز التعبير لمطلب "يهودية الدولة" الذي يحاول نتنياهو فرضه على القيادة الفلسطينية. رابع هذه القوانين، قانون "لجان القبول"، وبموجبه سيتعين على أي عربي الحصول على إذن مسبق للسكن في أي حي يهودي، وسيُفرض على كل عقد بيع أو إيجار الحصول على هذه الإجازة مسبقاً، تكريساً لمبادئ الفصل العنصري، وإمعاناً في التضييق على سكان البلاد الأصليين. هي إذن، موجة هستيرية يمينية - عنصرية، تجتاح المجتمع والطبقة السياسية والنخبة الحاكمة في إسرائيل، تأخذ الدولة العبرية إلى مستنقع عنصري لا نظير له في أزمنتا الراهنة، مبني على الكراهية ورفض الآخر و"التمييز العنصري"، هي موجة تأتي كثمرة لانزياح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين بجناحيه العلماني والديني، بدلالة أن كل هذه القوانين، تصدر في البدء عن أحزاب وكتل يمينية (اسرائيل بيتنا والليكود) بيد أنها سرعان ما تحظى بغالبية وازنة عند مناقشتها في الحكومة، ومن المتوقع أن تمرر في الكنيست من دون عناء يذكر. واللافت في أمر هذه التشريعات، ذاك التلازم بين اقتراحها والعمل على اقرارها من جهة، والضغوط الهائلة التي تمارسها الحكومة اليمينية لفرض "يهودية الدولة" على الشعب الفلسطيني وقيادته ومفاوضيه، باعتبارها شرطاً لأي تقدم على طريق المفاوضات والسلام، من جهة أخرى، إنها ترجمة قانونية أكثر تشددا وإقصائية لنص "وعد بلفور" المشؤوم ومنطوقه. مجتمع كهذا، لا يصنع سلاماً ولا يقبل تعايشاً، لا يعرف التسويات والحلول الوسط، ولا يفهم لغة الحوار والتعددية، مجتمع كهذا تعبر عن مكوناته ومكنوناته، المناورات الحربية الإسرائيلية الأخيرة التي حاكت عمليات "ترانسفير واسعة" لعرب 48 عن مدنهم وقراهم.