تتسارع عجلة التقدم التقني في العالم بشكل مذهل؛ بحيث تصعب الإحاطة بها ومتابعتها، حتى على مراكز البحوث الكبيرة والمتطورة.. وقد اقتحمت تقنية «النانو» عالم التقنية قبل عشرين عاماً فقط. تتسارع عجلة التقدم التقني في العالم بشكل مذهل؛ بحيث تصعب الإحاطة بها ومتابعتها، حتى على مراكز البحوث الكبيرة والمتطورة.. وقد اقتحمت تقنية «النانو» عالم التقنية قبل عشرين عاماً فقط، ومع ذلك فإن تطبيقاتها اتسعت وتوزّعت واقتحمت القطاعات الطبّية والصناعية وتقنية المعلومات وعلوم البيئة... إلخ. ونظراً لأهمية هذه التقنية وفوائدها، فقد بادرت كثير من دول العالم بإحداث ودعم برامج ومشاريع وطنية لأبحاث وتطبيقات تقنية «النانو».. ذلك لأن هذه التقنية تستخدم مواد ذات أبعاد تُقاس ب«النانو متر»، وهو يساوي واحداً على البليون من المتر.. وهذه المواد عند هذا الحجم تمتلك خواص كيميائية وفيزيائية تجعلها أداة مفيدة لكثير من التطبيقات. بَيْدَ أن هناك حقيقة يؤكّدها «توبي شيللي» في كتابه عن تقنية «النانو»، حين يقول: «نحن بحاجة إلى التأكد من أن فوائد تقنية «النانو» لم تقدم على الأخطار البيئية والصحية المحتملة، وإننا لا نبدأ سباقاً جديداً للتسلح.. أو بإيجابية أكبر، يجب علينا المطالبة بألاّ تعود الفوائد التي نجنيها من النتائج المذهلة للبحوث العلمية التي قد تضيف أبعاداً جديدة إلى عالمنا، ألاّ تعود فقط إلى أولئك الأقل احتياجاً لها؛ بل إلى أولئك الأكثر احتياجاً لها. إن السيطرة على التقنية هي مفتاح الثروة والقوة، كما أن السيطرة على التقنية الجديدة تشكّل؛ بل تعيد تشكيل علاقات الثروة والقوة، سواء أكان ذلك عبر الدول أم الشركات. ونحن نستطيع معرفة وضع وحالة أي مجتمع وقوته، بل وحتى موقعه الجغرافي عن طريق معرفة ما هو متاح للفرد أو المجتمع للوصول إلى التقنية، ولكن ينبغي عدم الخلط بين ما هو متاح وبين تأثيرها. فهناك ملايين من العمال يعملون في مصانع تجميع مكوّنات الحاسب في قارة آسيا، بيْدَ أن أي فرد منهم لا يمتلك حاسباً خاصاً به، غير أن ذلك لا يمنع من أنهم يتعرّضون للتغيّرات الاجتماعية والأخطار الصحية التي جلبتها تلك المصانع. ولذلك، فإن المطالبة بوضع قواعد للسيطرة على التطور التقني وتطبيقاته هي مطالب أساسية، فهي تتحدى حق الحكومات والشركات لتحديد أية تقنية قابلة للتطبيق، هل هي نعمة أم نقمة؟! كما أنها تفرض كلفة إنتاج واستهلاك المنتجات الجديدة، كما تفرض طرقاً جديدة في العمل، سواء أكان ذلك يتمثل في أشكال جديدة من الملوثات أم أخطار جديدة في العمل أو في الأخطار القابعة على أرفف محلات السلع الغذائية (السوبر ماركت). إن استغلال خصائص المواد عند مقياس «النانو» له تطبيقات مهمة في كل مناحي الحياة؛ من التطبيقات في المجال الطبي إلى المجال العسكري وفي عمليات التصنيع، وأيضاً في طلب المواد الخام، إلى جانب أن هناك مجالات كبيرة من التطبيقات لتقنية «النانو».. لذا، فإن الاستشراف المستقبلي للأهمية الاقتصادية لتقنية «النانو» يبدو عظيماً ومدهشاً. إن «تقنية» النانو تمتلك قدرة كبيرة على شق طرق لجلب منافع ضخمة لفقراء العالم وللمستهلكين الأغنياء في شمال العالم أو المقتدرين منهم، في جنوبيه سواء بسواء. غَيْرَ أن السؤال الذي يفرض نفسه هو: مَنْ الذي يقرّر أين تذهب أموال دعم البحوث؟ وما المنتجات أو العمليات التي يجب حظرها؟ لقد أوضح أحد المختصين أن هناك أكثر من 360 مركزاً بحثياً في تقنية «النانو»، وفقاً لإحصاءات عام 2005م، منها خمسة مراكز في مصر، وواحد في السعودية.. مشيراً إلى أن إيران تُعَدُّ الأولى في العالم الإسلامي في هذه التقنية، والثانية والثلاثين على مستوى العالم، وتخطط لأن تكون في المرتبة الخامسة عشرة عالمياً بحلول عام 2015م. في حين تأتي «إسرائيل» في الترتيب الثالث عشر على قائمة الدول المنفقة على أبحاث «النانو»، والتي يبلغ عددها 42 دولة. وتجدر الإشارة إلى أن عدد مراكز «النانو» في السعودية قد ارتفع خلال السنوات الثلاث الماضية إلى أربعة مراكز، يدعمها توجه حكومة خادم الحرمين الشريفين لاستخدام هذه التقنية بأقصى ما يمكن، وكان أول هذه المراكز هو المركز الذي أنشأته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وختاماً.. لقد قيل: إن الوعود التي قدمتها بعض استخدامات تقنية «النانو» هي من الضخامة بحيث تعادل ما قدمته التقنيات السابقة، وإنها ستعالج مرض السرطان، وتُطعم العالم!.