من العجيب أننا هنا في المملكة نستعمل السيارات للمشاوير القريبة قبل البعيدة وكما قالت نجاة الصغيرة "القريب منك بعيد" فكل مشاويرنا وزياراتنا بعيدة وتحتاج إلى سيارات لتنقلنا حيث نريد! مهما قصرت المسافات. في أثناء إحدى زياراتي في مدينة جدة شغلني النظر إلى ما جد في تلك المناطق التي مررت عليها رأيت المباني المثيرة ومراكز التسوق العملاقة وأعداد السيارات التي لا تعطي الطريق هدنة أو راحة، فهي تمتطي الطريق ليلاً ونهاراً وبدون توقف ونحتج كثيراً عندما يشتكي الطريق الهجاج وتفعل فيه إطارات السيارات فعلها ونشكو ونتذمر! ولا نتذمر من الرواح والمجيء الدائم فنحن نعترض على السير على أقدامنا لأقرب الأماكن ونعترض على استهلاك الطريق الذي نتوقع أن تصمد سفلتته وإن مر على تجديدها سنوات كثيرة، ناسين حرارة وجفاف أجوائنا ورطوبة مناطق أخرى في بلادنا وتأثير ذلك على الأسفلت الذي اسمه الحقيقي "الزفت" فللجفاف وللرطوبة نتائجهما السلبية عليه،والشاحنات العملاقة التي أخذت مكانها بين السيارات الصغيرة خاصة في جدة الجميلة والتي حولتها إلى غوريات متوحشة بدلاً من ترلات من كل النوعيات وتتخيل وأنت داخل سيارتك وتقف في إشارة مرور بين الشاحنات العملاقة تخاف من أن تجعل منك شطيرة لا يشعر سائقها بوجودك فأنت بجانبه كعصفور ضعيف لا يستطيع الطيران بعيداً فقد قُصت أجنحته رعباً من العمالقة من حوله!. صور كثيرة التقطتها وتمنيت أن تكون في زاويتي مساحة ولو بسيطة لتُعرض بعض تلك الحافلات التي تعيق المرور وتتسبب في مشاكل كثيرة لا تحصى! تُرى هل يمكن للبلدية بتخصيص ساعات معينة من النهار أو الليل لتلك العمالقة بالبدء في السير ورفقاً بالسيارات الصغيرة التي ترتعد فرائص سائقيها متمنين أن تمر من جانبهم بسلام وخاصة أصواتها المخيفة وهي تفلت فراملها بتلك النفخات التي كأنها آتية من الجحيم. أو هل يمكن تخصيص خط خاص يمكن لها السير فيه أو الانتظار إلى أن ينتهي دوام الشركات والدوائر الحكومية ويعود الموظفون لبيوتهم سالمين ناجين؟ لتبدأ سيرها ولتصل إلى أهدافها بدون بث الرعب والاضطراب بين السائقين؟ الحل بكل تأكيد يوجد بين قوانين بلديات المناطق ونفوذهم وصلاحياتهم. وسيظل المشوار القريب منا بعيداً بسبب عدم توفر طرق للمواصلات في الشوارع الرئيسية كأي بلد متطور غير تلك السيارات التي يقودها أبناؤنا والأكثر منهم سائقونا الذين لا يمكننا الاستغناء عن خدماتهم إلا إذا رضينا بالحبس في منازلنا والانقطاع عن الزيارات العائلية والصديقة و"الاكتفاء بالنت" والهواتف بجميع أنواعها مع "السكايب" و"الفيس بوك" ما دامت تؤدي الغرض وبدون زحام ولا خوف من الشاحنات العملاقة. همسة: نحلم بشبكة مواصلات شاملة كل نوعيات طرق التنقل لنقرب بين البعيد ونتمكن من القريب.