لماذا لا يأتي العيد دون تغلغلك في أرواحنا حكاية سكنت فينا عقودا نتناقلها خلسة كدفاتر العاشقين المبعثرة ؟..هل لأنك أغمضت عينيك صباح الفرح والكل يرتدي البياض فارتديت بياضاً مكتوباً عليه لا يُخلد فيها أحد؟.عبدالله الجفري يا صاحب الظلال الذي تركته ومضيت ليظل الظلال مهجورا إلا من بعض حروفك المتساقطة التي لم يُكتب لها الوصول لبحرك المتلاطم . الحياة الجائعة التي كان يسير فيها قست عليه كثيرا ولكنها اليوم تبكيه في كل عيد لا يمطرها بياسمين حروفه وماء روحه العذب . ما زالت ذاتيته مع الكلمات عصية على كل الأقلام التي حاولت خطفها ولكنها ظلت وفية لرجل الكتابة الذاتية وكأنها لا تُعرف إلا عندما يذكر اسمه . مسكين أيها العيد فقد سلبنا منك رحيل القلب فلم نلتفت لك كما ينبغي ، فها أنت تمر محملاً بالهدايا ولكن وجه الجفري المحفور فينا يعود كالمسافر من بعيد محملاً بالصفاء .في ذاك العيد سقط عمود كان يعبث بهمومنا ، وأشواقنا .. يغزلها بروحه الصافية ويبثها كعبير الزهور البرية . برحيل عبدالله الجفري تكون قد طويت صفحة الرومانسية المعاصرة والتي ظلت طوال أربعة عقود تشعرنا بالدفء بعد أن شاح الكثير من مثقفينا بوجوههم عنها وغاصوا في مدارس أخرى هي في الأصل نتاج وحصاد مدرسة الجفري التي لم يتخلى عنها .برحيله لم يعد يجدي التفتيش عن قلم يروي الذائقة الثقافية المتزنة ، لان من عاش في كنفه لن يرضى بغير رائحة الحب والسلام التي سكنت اسطره .رحل في يوم العيد وكأنه اختار الزمان ليبقى خالداً في ذاكرة الأعياد والقلوب بعد أن ركض كثيرا وتنقل أكثر ولم يكن لينحني أمام تيارات الاستبداد الفكري وظل صامدا حتى لحظاته الأخيرة .يؤلمنا أنك تحملت الكثير من النكران والتهميش ، ولكنا نجلك لأن قلمك لم يخضع إلا لصوتك ونبض الحقيقة .ها نحن نتذكرك في العيد نهتف لك بحب مجددين العهد بأن تبقى في قلوبنا وذاكرتنا نقرأك كلما تكالبت علينا نوائب الدهر لتأتي كالحلم الأبيض تمسح بروحك تعب النفس التي افتقدتك.وداعا يا صاحب الظلال وكل عيد وأنت مغروس فينا كأشجار السنديان العاشقة للمكان وللظلال. [email protected]