في بداية تسلمي لمهام عملي في كوبنهاجن كنائب للسفير طلب مني مشرفا مركزي الرابطة في مدينتي كوبنهاجن وهلسنكور بزيارة مقري رابطة العالم الاسلامي شعرت بسعادة تغمرني -لا شعوريا- أولاً لوجود هذين المقرين في مملكة الدانمارك، وثانيا المقران كلاهما تعود ملكيتهما بالكامل للرابطة بالاضافة الى موقعيهما الفريد في وسط المدينتين، فمقر الرابطة في مدينة كوبنهاجن يقع في منطقة قريبة من مركز المدينة الى جانب اطلالته على بحيرة، وسهولة الوصول اليه، ويعد المقر (المبنى) من المباني القديمة احد معالم المدينة، مكون من جامع (مسجد) في الدور الأرضي المطل على حوش المبنى من الجهة الأمامية، وثلاثة ادوار علوية، استغل الدور الاوسط لمدرسة عربية لفترة من الوقت، وباقي الادوار مكاتب لادارة المركز مع وجود فناء واسع امام المبنى. واما مقر الرابطة الثاني في مملكة الدانمارك في مدينة هلسنكور على مقربة من الميناء البحري المطل على المحيط الاطلسي، والقريب من السويد، ويقع المقر (مركز) الرابطة بالقرب من وسط (مركز) مدينة هلسنكور. يتردد على المركزين بشكل منتظم من لهم اهتمامات بشؤون الإسلام والمسلمين، ويعد ما يرسل من الرابطة الى هذين المركزين من مصاحف وكتب ونشرات دورية مصدراً من مصادر تزويد من يدخلون - زرافات ووحدانا - إلى الإسلام كما ان هناك مدارس الجاليات المسلمة يحرصون كل الحرص في مدارسهم على اقتناء مناهج ما يدرس في مدارسنا الابتدائية والاعدادية والثانوية) في هذا الوطن، وحينما استفسرت عن السبب في هذا الحرص على مناهجنا، فاجابوا بشكل جماعي تتضمن كل ما يهم المسلم أو المسلمة في الحياة، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالعقيدة الإسلامية واللغة العربية وآدابها. وقد لاحظت طوال فترة عملي في مملكة الدانمارك ان مركز الرابطة في كوبنهاجن يقوم بدور كبير في التعريف بالعقيدة الإسلامية، وهناك اقبال متزايد على المركز خاصة إبان ازمة الرسوم المسيئة لرسول الإسلام عليه أفضل الصلوات واتم التسليم إذ كان يطلب من المشرف على المركز بالمشاركة في المنتديات والمحاورات والمقابلات التي تتم عبر وسائل الاعلام المختلفة بالاضافة الى تزويد المترددين على المركز بما يرغبون معرفته عن الإسلام ورسوله عليه افضل الصلوات واتم التسليم. كما ان المركز يقوم بدور اشرافي على كل ما يتم استيراده من لحوم ودواجن من الدانمارك ويعد افطار رمضان الذي تموله هيئة الاغاثة الإسلامية في شهر رمضان من افضل الاعمال الخيرية التي لها صدى واسع في المجتمع الدانماركي اذ يشارك بعض الدانماركيين الذين دخلوا الإسلام في نشاطاته، ويقوم التلفزيون الدانماركي بنقل وقائع المشهد مع اندفاع هؤلاء الى ايضاح فضائل شهر رمضان. وقد نقل الى اسماعي المشرف على المركز ان (هيئة الاغاثة) لم تسدد المبالغ التي صرفت على "إفطار رمضان" في سنوات سابقة، فبلغت الامين العام الأخ (الدكتور عدنان خليل باشا) فبادر مشكوراً على سداده، وحبذا لو استمر في كل عام خاصة ان تجمع الاقليات المسلمة العربية وغير العربية يعطي انطباعا طيباً على وحدة المسلمين في هذا الشهر المبارك. واما المركز، مقر الرابطة في مدينة هلسنكور فينحى منحى تعليمي ودعوي في آن، فهناك فصول دراسية لمراحل التعليم العام باللغة العربية مع تحفيظ القرآن الكريم لابناء وبنات الاقليات المسلمة من مختلف الجنسيات. كان المشرف (الشيخ حسن ساري) يحرص على مشاركتي في كل عام حفل تخريج الطلاب والطالبات، واقوم بتسليمهم شهادات التخرج المتواضعة مع نسخة من مصاحف مجمع الملك فهد في المدينةالمنورة. وفي كل زيارة للمركزين اشعر انهما يقومان بواجبهما نحو خدمة الاقليات المسلمة هناك، ولكن ما استرعى انتباهي عدم انتظار رواتب مشرفي المركزين، وتأخر دفع نفقات تشغيل المركزين اذ يضطر المشرف على مركز كوبنهاجن ان يتردد على مقر الرابطة في مكةالمكرمة بين الحين والآخر لاسباب لا زلت اجهلها! كما انني لا زلت اجهل لماذا لا تعمد (الرابطة) المشرف في كوبنهاجن في السعي على اعفاء المركز من الرسوم (الضرائب) التي تدفع سنويا في حين ان هناك مقارات الاقليات من الديانات الاخرى لا يدفعون رسوم مماثلة. واذكر هنا بانني فاتحت في احدى المناسبات التي اقامها مركز الرابطة الاسلامية في الدانمارك (وزيرة شؤون الاديان الدانماركية) بموضوع مساواة مركزي الرابطة بمراكز الديانات الاخرى في اعفائها من دفع ضرائب سنوية على المركزين، فطلبت مني ان يتقدم مشرفي المركزين بطلب الاعفاء حتى يتسنى اتخاذ الاجراءات المتبعة في هذا الخصوص. لم اتمكن من متابعة اعفاء مركزي الرابطة من الضرائب اسوة بالمراكز الدينية الاخرى لعدم توفر فرص مقابلة معالي الامين العام لرابطة العالم الإسلامي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الذي اعرفه تماما بأنه لن يتردد في اجراء اللازم لاعفاء المركزين من الرسوم التي تدفع بدون مبرر، ومغادرتي لمقر عملي. هل تبادر (الرابطة) الاهتمام بهذين المركزين اللذين يعدان معلمان بارزاً في الدانمارك حتى يتمكنا في الاستمرار في اداء دورهما الدعوي والتعليمي في خدمة الإسلام والمسلمين، ودعمهما ماديا وإداريا وبشريا خاصة أن الساحة هناك متاحة لعمل اسلامي منظم سواء عبر توزيع بلشورات (مطويات) أو عن طريق وسائل الاعلام المختلفة او إلقاء محاضرات في الجامعات الكبرى او اقامة ندوات ومنتديات، فالشعب الدانماركي شغوف الى معرفة المزيد عن الإسلام لا سيما وان هناك قوى صهيونية يهودية تعمل في العلن والخفاء في تشويه صورة الإسلام والمسلمين؟!