بالأمس كانت ذكرى يوم من أيام الله هو الأجل، حيث نصر الله فيه عبده سيدي رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم، ومن معه من المؤمنين به مهاجرين وأنصاراً، في معركة حاسمة بين الايمان والشرك، وعلى اثرها هاب الأعداء هذه العصابة، التي ذكرها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- في دعائه ومناشدته ربه ذاك اليوم يوم بدر حيث قالك (اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد) فهم حملة رسالة الله إلى الخلق آخر الزمان، بهم عرفوا الحق واتبعوه. لذا قال عنهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: (ما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، وقد شهد -عليه الصلاة والسلام لمن شهد بدراً بالنجاة من النار، فقد روى أن عبد حاطب بن أبي بلتعة أتى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ليشتكي حاطباً فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كذبت لا يدخلها إنه قد شهد بدراً والحديبية)، ومن شهد بدراً والحديبية هم من عناهم الله بقوله: (والسابقون الأولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم" وأوائل شهداء الإسلام هم الأربعة عشر الذين استشهدوا في بدر، منهم ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، وقتلى عدوهم سبعون، وهؤلاء الشهداء هم من خلدوا على مرِّ الزمان بفضل السبق إلى رضوان الله عز وجل، ممن استحقوا بفعلهم الخلود في الجنان يوم القيامة، فكانوا القدوة لمن بعدهم ممن أحبوا الله والرسول فأطاعوهما، ودافعوا عن الحق وبذلوا النفوس في سبيله رخيصة. هي معركة حاسمة انتصر فيها الايمان على الشرك ودعاته، وكانت الطريق إلى أن ينبذ أهل الجزيرة العربية كلهم الشرك، وينالوا الحرية المثلى التي لا يخضع فيها المؤمن لغير خالقه، كرامته تتعزز بإيمانه بالله الواحد، وذله وانكساره لم يعد له وجود لأي مخلوق، بعد أن اجتنب عبادة الطاغوت، فلم يعد يخشى سوى الله، الذي عبادته له هي قمة الحرية، فلا واسطة بين العبد والخالق، فمن علم دينه عرف الطريق إلى ربه، لذا كان الأبرار الذين حضروا المعركة والذين على الرواية الراجحة بلغوا ثلاثمائة وخمسة من المؤمنين، الذين حملوا الأمانة، ورفعوا راية الإسلام بصبرهم عند لقاء عدوهم، الأكثر منهم عدداً وعدة، وحققوا النصر في زمن مبكر بعد نشوء أول كيان لأمتهم. هؤلاء حق لهم علينا الا ننساهم وان نحتفي بذكراهم، وان نلهج بالدعاء لهم، وان نرجو أن نكون معهم يوم القيامة في عليين فقد استحقوا الثناء في الدنيا وهم في الآخرة بوعد ربهم آمنين، ففي ما فعلوه النجاة، وفي تجنب ما فعلوا الغرق في وحل الهزائم نتلاحق، فاللهم انصر الحق واعزه بالمؤمنين به المخلصين لنشره انك سميع مجيب. ص.ب: 35485 جدة: 21488 فاكس: 6407043