قارب الثلث الأول من شهر الخيرات على الرحيل ، ارتبط خلاله المرء بخالقه تبارك وتعالى من خلال العيش في الأجواء الرمضانية التي يتميز بها شهر الجود والنعم عن باقي شهور العام ، فهذا الشهر الفضيل شهر تربية ربانية يتعود فيه المرء على أمور تنمي في داخلة خصالاً حميدة تعوده على القيام بالنوافل التعبدية التي تقربه إلى مولاه، وبترك محبوباته المجبول على محبتها ، ويربي في النفس الإرادة على اجتناب الهوى والبعد عن المعاصي ، وقهر للطباع ، وفطم للنفس على ما جبلت عليه من أمور لا محمودة ، كما يذكره الصيام بالنعم التي أنعم الله بها عليه فهو يتذكر ويشكر ويداوم على شكرها بالمراقبة للمنعم ، ومن فضائله الكريمة أنه يعود المسلم على الصبر والإرادة والعزيمة والتحمل ، ويُعَلِمْ ضبط النفس ويساعد عليها ، ويُوجِدْ في النفس ملكة التقوى وينميها ، ويعود الأمة الإسلامية على النظام والاتحاد ، وحب العدل والمساواة ، ويكوّن في المؤمنين عاطفة الرحمة ، وخلق الإحسان ، ويصون المجتمع من الشرور والمفاسد ، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم إذا دخل شهر رمضان انكبُّوا على المصاحف فقرأوها تقويةً لقلوبهم وتزكيةً لأرواحهم ، ويحيون ليله بالقيام ، وتلاوة القرآن ، والاستغفار ، والتململ بين يدي الجبار ، وقد أثبتت البحوث العلمية الطبية أن شهر رمضان المبارك له من الفوائد الصحية الكثير التي تعود على الجسم بالإيجابيات التي تمنحه السلامة ، فهو يساهم في علاج الاضطرابات النفسية التي أصبح يعاني منها الكثير في زمننا الحاضر ، وله فوائد للجهاز الهضمي ، وكذلك في علاج البدانة ، وتصلب الشرايين ، وارتفاع ضغط الدم ، وخناق الصدر ، والربو القصبي ، والأمراض الجلدية ، وآلام المفاصل ، وغيرها من الأمراض التي يتعرض لها الجسم خلال السنة ، فالصيام له كثيرة من الفوائد التي تشمل كل أبعاد الحياة الإنسانية ، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال : ( صوموا تصحوا ) . شعر : أخي يا من سره دخول رمضان أهنيك بشهر المغفرة والرضوان أهنيك بشهر العتق من النيران فرصة لا تعوض على مر الأزمان وموسم خير فاحذر الحرمان همسه : الصوم مدرسة تربوية كبرى دروسها لا تحصى ولا تستقصى.ومن أصدق من الله قيلاً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.