تتجاذب منطقة الباحة وظيفتان مهمتان هما وظيفتا الزراعة والسياحة, وتُعد (الزراعة) الوظيفة الأساسية إذ استقر السكان على سفوح جبالها منذ آلاف السنين يزرعون الحبوب, الفواكه والخضروات, ويُعد القمح(الحنطة) المنتوج الأول يليه الذرة والبوسن والشعير فضلا عن إنتاج اللوز والزبيب ,كانت الباحة الممون الأساس للمدن المجاورة خصوصا مكةالمكرمة, الطائفوجدة وذكر احد المؤرخين القدامى بأن أهالي الباحة يتباركون حين يسارعون بإيصال منتوجات أراضيهم إلى مكة خصوصا في موسم الحج, إذ ينعكس اثر ذلك في زيادة هطول الأمطار وارتفاع المنتوج السنوي ,وتضاءلت هذه الوظيفة الأم مع التغيرات في المناشط الحياتية وعزوف الكثيرين من المزارعين في ممارسة حرفتهم وأصبحت المساطب الزراعية في وضع يرثى له, فلم تعد الزراعة بذات الشأن السابق مع الاستبدال بحرف أخرى أكثر موردا ماليا واقل تكلفة واخف عناء وتعبا كالوظائف الحكومية والأعمال التجارية. لتبرز في الآونة الأخيرة وظيفة جديدة لم تكن موجودة على خارطة توزيع الوظائف على المدن السعودية وهي الوظيفة السياحية, وبروز هذه الوظيفة جاء في العقدين الأخيرين بسبب ما تتميز به منطقة الباحة من طبيعة خلابة وجمال آسر وأجواء عليلة,إذا أن الطبيعة هي التي ساعدت على ظهور وظيفة جديدة وهي السياحة , إلا أن السؤال الأهم إلى أي مدى يمكن استثمار هذه الوظيفة؟ هل تُترك السياحة تنمو بنفسها؟ أم تحتاج إلى تخطيط استراتيجي بعيد المدى؟ وهذا الذي يُعول على الشعوب النابهة والتي تجعل من التخطيط البوصلة الحقيقية لمسابقة الزمن . وينبثق سؤال ذو قيمة من يقم بهذه المهمة الاقتصادية ؟هل هي من اختصاص الأهالي؟ أم من اختصاص الجهات الحكومية؟ أم أنها من اختصاصهما معا؟وأظن أن المسألة مشتركة, لذا الجميع مشترك في التخطيط.ومما يُلحظ أن منطقة الباحة برزت في الآونة الأخيرة على الخريطة السياحية وأصبحت جاذبة للكثيرين من أبناء المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي, وفي صيف هذا العام تزايد عدد السياح بشكل لافت للانتباه إذ اكتظت المواقع السياحة بالزوار .كما سجلت الفنادق والشقق المفروشة نسبة إشغال 100%. ونشطت الحركة التجارية في الأسواق. بمفهوم أكثر فاعلية السياحة تحتاج إلى إجراءات وأساليب عملية وعلمية, تحتاج إلى دراسات بحثية على ضوء نتائجها يمكن السير في المسار الصحيح لتطوير للسياحة, وأظن أن جامعة الباحة إحدى الجهات التي يُعول عليها في مثل الشأن من خلال توجيه جانبا من اهتمامها بخدمة السياحة في المنطقة من منظور البحث العلمي. التطوير السياحي لا يقوم على اجتهادات شخصية,أو آراء فردية , بل يتكئ على رؤية علمية تنبثق من دراسات بحثية معمقة, فهل تقوم بها جامعة الباحة؟ أو أي جهة اختصاصية. لأن السياحة أصبحت صناعة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من دلالات ومفاهيم. أما تلك البرامج لا يعول عليها في تقديم سياحة حقيقية, إذ أنها بمثابة منشطات . لأن السائح يهمه بالدرجة الأولى السكن المريح, والمطعم النظيف, والملاهي المسلية والبريئة, والطرق الميسرة, والاتصالات الجيدة, والمنتوجات المحلية, فضلا عن التعرف على الجوانب التراثية, بعدها تأتي البرامج كمرحلة ثانية.