منذ أيام كنت أتابع الأخبار في قناة الجزيرة إذ عُرض تقرير مصور عن بعض المساعدات العربية وقوافل الإغاثة التي وصلت إلى غزة المحاصرة وإلى هنا يبدو الخبر مبشراً بالخير، لكن الصدمة الصاعقة التي لم استوعبها للآن هو ماتم اكتشافه في مستودعات هناك التي ملأتها تبرعات بالأطنان من الأدوية 70 % منها تالفة ومنتهية من شهور!! أما أجهزة غسيل الكلى فهي مستهلكة وقد استنفذت ساعات عملها المسموح بها!! وأصبحت تلك المساعدات عبئاً عليهم للتخلص منها مما يسبب تلوثاً بيئياً خطيراً، فهل يعتبر المتبرعون الكرام أن غزة مكب للنفايات الكيماوية؟! أم أنهم يسخرون من معاناة هذا الشعب الصامد بطريقة فجة ولا إنسانية تتضح بشكل سافر في بقية التقرير الذي فضح الأدهى والأمر من التبرعات العربية السخية حيث شملت أكفاناً بطول 1,20 متر وهو مقاس الأطفال، فهل هذه رسالة ضمنية للعدو بأن يقتلوا أطفال غزة وعلينا تكفينهم!! أم أن لسان حالهم يقول لأهل غزة: لاتحملوا هم قتل أطفالكم فنحن نتولى أكفانهم!! وشخصياً ليس عندي مشكلة مع الأكفان حيث سبق لي شراء كفن لنفسي فالأعمار بيد الله والموت لايعرف صغيراً ولاكبيراً ولامريضاً ولاسليماً، لكن أن تكون في وضع صعب وتحتاج للطعام والدواء وتصلك هديه من جارك العزيز وتفتحها وأنت تأمل أن تجد فيها بعض ماتحتاجه لتدخل على نفسك السرور وتمنحك الأمل فتفاجأ أنه أرسل لك دواء منتهي الصلاحية ولأبنائك هدية أكفان مع التحية!! ترى ماسيكون شعورك وقد ضاعف معاناتك. لاننكر أن هناك مساعدات جيدة وصلت لإخواننا المحاصرين وهذا هو المفترض منا كأخوة مسلمين كما قال صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). هذا الحديث الشريف درسناه ونحن صغار فهل طبقناه حقاً بعد أن كبرنا؟ إنهم لاينتظرون منا صدقة ولكن لهم حق واجب علينا أن نؤديه لهم بأفضل مايكون وليس أن ندلس عليهم في تبرعات مشبوهة إنها تعتبر جريمة في حقهم لاتقل فداحة عن مايفعله العدو معهم من ظلم بل ويضاهيه كما قيل: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند وهل أظلم من أن يمد أخ محتاج لك يده فتضع فيها قنبلة موقوتة!! ترى هل يظن أولئك المتبرعون أنهم مبعوثون ليوم عظيم يقفون فيه أمام خالقهم ليحاسبهم ويسألهم عما قدموه في حياتهم ، فماذا سيكون ردهم وتبريرهم لأفعالهم الشائنة في حق بشر مثلهم قدموا لهم ماملئت به قلوبهم السوداء ونفوسهم المشوهة.. وكل إناء بما فيه ينضح. لاتحزنوا ياأحباءنا وأهلنا الصامدين في غزة وفلسطين، فهناك ملايين من العرب والمسلمين يتعاطفون معكم ويرغبون مساعدتكم ويفعلون كل مابوسعهم لأجلكم ويرفعون أكفهم بالدعاء لكم فهم لم ولن ينسوكم أبداً. وإن طال الليل فقد لاح الفجر..