مشكلة بعض الناس أنه يظن أن تغير الحال من المحال، فإذا أساء تعامله مع والديه في بداية حياته أو في موقف من المواقف ظن أنه لا يمكن أن يُعدل سلوكه ويحسن تصرفاته، يظن أنه ولد ليكون عاقاً، يظن أن حياته مع والديه قائمة على العقوق، والشيطان يُزين له هذه الوساوس والخطرات، حتى تصبح هذه الوساوس في قلبه حقائق لا تقبل التغيير ولا التبديل، بل ولا حتى التأمل والتفكير. إن العقوق ذنب من الذنوب متى تاب منه العبد تاب الله عليه وبدل سيئاته حسنات، إن العقوق طريق من الطرق السريعة والمختصرة لولوج النار . بل إنه من أسهل الوسائل للحرمان من التوفيق في الدنيا وتعسر الأمور وضيق الصدور إن لم يكن أسهلها على الاطلاق.فيا من ضل الطريق وسار بغير دليل أقول لك من قلب مشفق عليك : قف. قف,فبداية هذا الطريق آلام وهموم وأحزان قف,فنهاية هذا الطريق نيران وسلاسل وأغلال قف, فالأمر اليوم إليك تسير حيث تشاء، أما غداً فلا يُدرى ألك أم عليك؟ قف, أرجوك قف بدّل ذلك الوجه العابس في وجوه الشيخين الكبيرين بوجه مبتسم ضاحك. بدّل تلك النظرات المحرقة الحادة بنظرات مشفقة عاطفة بدّل ذلك التعالي والإعجاب بالرأي دون رأيهما بالسمع والطاعة والاستنصاح والاسترشاد بشورهما. بدّل ذلك الانشغال بغيرهما بالانشغال بهما. اليوم غيّر وليس غداً اليوم أقدم ولا تحجم صدقني ستسابقك دموعك أن تأخرت عن السير في هذا الطريق. ولكن لا تحزن أن تأخرت، بل احمد الله أن سرت يوم تخلف غيرك. إن لم يكن لديك همة عالية وعزيمة صادقة فاتك من النجاح بقدر ما فات من همتك وعزيمتك. ومتى كنت صادقاً عازماً، فقد جاء في الحديث القدسي: (وَإِنْ تَقَرَّبَ إلي شبرا تَقَرَّبْتُ إليه ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إلي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إليه بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً) متفق عليه.