المكتبات العامة في أي امة من الأمم دليل وعيها ورقيها وشاهد حضارتها وأمة لا تحسن القراءة ولا تصادق الكتاب امة شبه ميتة , وبرغم تعدد وسائط المعرفة المختلفة في عالمنا المعاصر ومزاياها المتعددة إلا أن الكتاب يظل دائماً الأثير والمحبب لكل من جعل الكتاب رفيقه وأنيسة طوال حياته. وبعد أن انتقل حمل المكتبات العامة ومسؤوليتها من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة الثقافة والإعلام والكل مازال يترقب وينتظر تلك الخطوة القادمة التي تنهض وترتقي بهذه المكتبات وتعيد لها بريقها السابق عندما كانت تزخر بروادها لتكون دليل إنجاز آخر على حقيقة الحراك الثقافي الذي تعيشه بلادنا في ظل قيادتنا الرشيدة ولعل الكثيرين يشاطرونني الرأي بأن وزارة الثقافة والإعلام في ظل وزيرها النشط والمحبوب معالي الدكتور عبد العزيز خوجة قادرة بمشيئة الله على إحداث تغيير ملموس في هذا الجانب خاصة وان الحمل ثقيل ومتراكم ومسؤلية تطوير نحو (80) مكتبة عامة بالمملكة ليست بالأمر اليسير والهين وتتطلب الكثير من الجهد والوقت والأفكار الجديدة والجاذبة للقراء ومحبي الكتاب ودراسة كل عوائق عدم انتشار الكتاب داخلياً وخارجياً وغيرها من الهموم والصعوبات التي تتعلق بهذا الجانب. وفي هذا الجانب والإطار أحببت أن أشير إلى بعض التجارب والجهود للقائمين على هذه المكتبات من خلال زياراتي لبعض هذه المكتبات والتي كان آخرها المكتبة العامة بالدمام حيث لمست مدى الجهد المبذول من أمين هذه المكتبة والعاملين بها وحرصهم على خلق أجواء جميلة ومبهجة لجذب الناس وتقريب الناشئة من الكتاب وحسن الاستقبال للمرتادين و القراء وغرس حب الكتاب والاطلاع في نفوسهم من خلال إعلانهم إقامة معرض للكتاب بأحد الأسواق التجارية الكبيرة بمدينة الخبر يعرض به الجديد والمفيد من الكتب والإصدارات في مختلف المجالات وهو بهدف العرض وليس البيع وهو عمل بلا شك سوف يستوقف المئات والآلاف من المتسوقين لقراءة العناوين وأبرز عناصر المحتوى على الأقل ليبدوا بعد ذلك رحلة البحث عن هذه العناوين واقتناء الكتاب , بل أن أمين مكتبة الطائف بعد أن زرته قبل عدة شهور وجدته بادر من تلقاء نفسه بمبادرات شخصية جميلة كان من أبرزها إعداد صالات خاصة بالأطفال تزينها الرسومات الكرتونية والمحببة لدى الطفل وزودها بالقصص الجميلة وصالات أخرى للألعاب الالكترونية وتخصيص أجنحة كاملة بها اغلب الإصدارات التي تتحدث عن محافظة الطائف وما كتب عنها وهي في مجملها نماذج و أفكار رائعة ومبادرات جميلة تنم أن بهذه المكتبات رجال يقدرون أهمية المسؤولية والدور المناط بهم في هذا الجانب وهو ما يتطلب المزيد من الاهتمام من وزارة الثقافة بمثل هذه التجارب وتشجيعها وربما يكون هناك تجارب أخرى مشابهة في أماكن أخرى وهذا يعني أن الميدان العملي دائماً يكون ثرياً بالكثير من التجارب والاجتهادات الفردية الرائعة التي يجب الاهتمام بها وتبنيها ومن أهمها توسيع نطاق المشاركة المجتمعية مع القطاع الخاص في مجال المكتبات والمعلومات والجهات المماثلة وفتح أبواب التعاون وتبادل الخبرات بين مسئولي هذه المكتبات للوصول إلى أنجع الطرق والوسائل لحل إشكالية القراءة و الكتاب وهذا علمي والسلام .