لست من المتابعين لبرنامج ستار أكاديمي، لكن تكونت عندي بعض المعلومات عنه من خلال ما كُتب عنه في الصحافة. وعندما قرأت خبراً عن برنامج ماليزي لم أجد شيئاً أقارنه به سوى ستار أكاديمي، لكنه على الطريقة الماليزية. فهو مختلفٌ من حيث الهدف والوسائل، ولكنه استطاع جذب جمهور حريص على مشاهدته ومتابعته. إنه برنامج الإمام الشاب، أو أكثر الشباب المؤهَّلِين ليصبحوا أئمة في المستقبل القريب. في بداية العمل تم انتقاء ألف شاب، تتراوحُ أعمارُهم بين 18-27 عامًا، ليخضعوا لاختبارات تؤهلُهم للمشاركة في البرنامج. واستمرَّ ذلك حتى وقع الاختيارُ على عشرة منهم اجتازوا كل الاختبارات. والعجيب أنهم لم يكونوا من طلبة العلم الشرعي فقد كان بينهم موظف بنك، ومزارع، وعالم دين، وبعض الطلاب الجامعيين. وعلى غِرار ستار أكاديمي، تم تأمين مكان لهم للإقامة فيه، ومُنعوا من الاتصال بالخارج، ليمضوا معظم أوقاتِهم في الصلاة ودراسة التعاليم الإسلامية وتلقي الدروس الدينية، في حين تقوم آلات التصوير بتصويرهم باستمرار. ويحرصُ البرنامج على تقديم صورة غير تقليدية عن واجبات الإمام، فهو يبرز دوره الواسع في الحياة. نعم إن دوره يبدأُ من إمامة الناس في الصلاة، لكنه يمتد إلى مساعدتهم في حلّ مشكلاتِهم الاجتماعية، مما يكرِّس المفهوم الصحيح للإسلام وشموليتِه. ويقول مُعِد البرنامج: نريد أن نُثبِتَ أن الشباب الماليزي المسلم يستطيع أن يتواكبَ مع هذا العصر، وقد وُفِّقْنا لاختيار الشباب الأكثر ذكاءً وتدينًا بين أتْرَابِهم. وتحدد لجنة التحكيم من يمكنه متابعة المشوار إلى آخره ومن لا يمكنُه ذلك، ويرأسها إمام سابق بمسجد ماليزيا الوطني. وقد اجتذب البرنامج الذي يبث يوم الجمعة جمهوراً عريضاً. وتقول إحدى المتابعات للبرنامج: أشاهد البرنامج مع زوجي ونحاول ألا نضيِّع أيًّا من حلقاته، لأننا تعلَّمْنا منه الكثيرَ عن أمور دينِنا. ويقوم المعجبون بالكتابة عن البرنامج عبر الفيسبوك مشيدين بالشباب المشاركين فيه. وهؤلاء الذين بلغ عددهم عشرات الآلاف يعدون المشاركين في البرنامج نماذج يُقتدَى بها. ويؤكد أصحاب فكرة البرنامج أنهم يهدفون إلى إيجاد إمام تقي ومعاصر، يطبق أحكام الإسلام على نفسه وأهله، وفي الوقت نفسه يعيش زمانه ليثبتَ للشباب الماليزي أن الالتزام بتعاليم الإسلام ممكن على الدوام. ولن يحصل الفائزون على ملايين الدولارات، فالجائزة هي سيارة وحاسوب محمول ومبلغ يقل عن سبعة آلاف دولار، إنما الجائزة الكبرى هي رحلة حج مدفوعة النفقات، إضافة إلى وظيفة إمام في أحد المساجد الكبرى في العاصمة كوالالمبور، فضلا عن منحةً دراسية في المملكة، مهد الإسلام الأول. والمسلمون بحاجة إلى مثل هؤلاء الأئمة العصريين، فهكذا هم الأئمة على مدى التاريخ الإسلامي. ومن يتتبع سيرة الأئمة الأربعة مثلاً يجدهم بهذه المواصفات، وما سادت اجتهاداتهم إلا لأنهم كانوا يعيشون عصرهم ويعرفون قضايا وحاجات أهل زمانهم. كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز