عندما جمع الله الرجل بالمرأة ليكّونا أهم علاقة تكاملية على الإطلاق تتجلى من خلالها الحكمة البالغة التي تُظهر مدى التوافق والتوازن بين صفاتهما. الرجل بقوته البدنية وتركيبته العقلية وأسلوبه في كيفية التعايش مع الأحداث التي يعتبر نفسه جزءا منها والجلد على خوضها، كلها أمور تتوافق مع الحكمة التي من أجلها أُعطي هذه الصفات التي مكنته من الاستمرار والعطاء. الرجل الذي يقضي معظم وقته خارج المنزل كمسؤول عن توفير حياة كريمة لأسرة تحمل مسؤوليتها يجابه الكثير من المتغيرات والضغوطات التي بدورها تؤدي إلى تراكمات نفسية بمرور الوقت.. ولأننا في مجتمع غير متمرس على نفض ما علق بداخلنا من هذه التراكمات، والفصل ما بين الخارج والداخل.. فإن هذه التراكمات بلا شك ستصبح وبالاً ينتقل شئنا أم أبينا لحياتنا الخاصة، ومنه للبيئة المحيطة بنا. لذلك خلق الله حواء لتكون العضيد للرجل الذي يعود مشحونا بعد يوم طويل، حواء بتركيبتها الرقيقة، الساكنة، الودودة، حواء صاحبة الأفق الواسع، والاحتواء الدافئ هي ما يحتاجه الرجل في مثل هذه المواقف ليشعر بكيانه. الحكمة الربانية في خلق الأنثى بهذا (الضعف الإيجابي) هو المقابل الطبيعي لخلق الرجل بقوته ومقدرته على التحمل، لأن هذا التحمل والشحن يحتاج للحظات تفريغ روحي وهدوء لن يحدث إلا في حضور الأجواء الساحرة التي تصنعها حواء. البيوت السعيدة هي التي تستطيع ترسيخ نظرية الوئام والسكنى ، وحتى تكتمل معطيات هذه النظرية يجب أن يكون كلا الطرفين الرجل والمرأة مكتمل النضج الفكري،لديه مقومات الإنسانية والرحمة قبل كل شيء ، ينظر للطرف الآخر على أنه كتلة من مشاعر تحتاج لرعاية خاصة، ولا نغفل دور الذكاء في كيفية تسيير أمورنا الحياتية والخروج بها من النفق المظلم .. وأميل هنا أكثر للمرأة الذكية بصفتها الملهمة للمحيطين بها. ولكن ما يدعو للأسف حقا هو ذلك (الضعف السلبي) الذي يتملك بعض الرجال القمعيين اتجاه المرأة وكأنها هي المتسبب في كل أزماتهم وانهزاماتهم .. متنكرين لها عندما تكون في أمس الحاجة لهم. بعض الرجال يفرط في التعبير عن رجولته إلى حد الهمجية والإذلال، ويستغل الرقة والضعف الفطري استغلالا يجعل منه كائن بلا ملامح إنسانية، وهذا نتاج التربية الغير سوية لمجتمع توارث صوره النمطية عن الرجل والمرأة ومررها للجيل الذي تشربها كما هي. وفي الواقع أنا لا ألوم أشباه هؤلاء الرجال الذين عززوا عقدة النقص بداخلهم على ضعف نسوة يتجرعن المرار من أجل المضي نحو مستقبل أبناء وجدوا أنفسهم بلا ذنب في كنف أباء وهميين.. مجرد(شنبات متحركة). اللوم كل اللوم على أولياء الأمور الذين يهدرون كرامتهم وكرامة بناتهم من أجل العادات والتقاليد وأواصر القرابة التقليدية دون عناء السؤال عن هذا الرجل وكشف سلوكياته خوفا من قطار العنوسة.. مع العلم أن لقب عانس خير من ذليلة تبيت ليلها ونهارها تحت وطأة نكرة يكيل لها ألوان البؤس والألم . وحتى لا أكون مثالياً أكثر من اللازم فإني سأضع الأمور في نصابها ولن أهمش وجود الخلافات الروتينية التي تظهر في حياة الزوجين كإفرازات طبيعية لحياة غير مستقرة، ولكنها سرعان ما تزول بالقليل من التنازلات والانحناء للريح. ولكني استغرب ويصيبني الكدر عندما يصل الحال لمرحلة الإهانة في حق شريكة الحياة، والأم، والمربية التي حملت على عاتقها ثقافة جيل نتمنى أن يكون سويا منتجا. سؤال أطرحه وفي داخلي حرقة.. أي جيل سينشأ في كنف أم تهان فقط لكي يشعر الرجل برجولته المسلوبة منه خارج المنزل؟ أي احترام متبادل وأي عشرة صادقة ستجمع الزوجين؟ أي وأي وأي... تساؤلات تجعلنا نعيد النظر في علاقتنا بالمرأة بشكل عقلاني يكفل لها أقل الحقوق بما يتواكب مع دورها الفاعل في حياتنا،وألا نستكثر عليها الاعتراف لها بأنها الإشراقة التي تزين حياتنا، ولننسى قليلا أسطورة الرجل الشرقي.