( 1 ) تبّاً لهُم وما أجهلهُم أولئك الذين يقولون: بأنّ الفساد صار شيئاً - مكشوفاً - يمشي برأسٍ مرفوع وصوتٍ رخيم ووجهٍ مألوف! - أنا من هذا الكوكب الجميل أعترف بأنّي: أسمَع بالفساد والفاسدين ولكن لم يسبق لي أن قابلت الأخ: فاسد.. أو أيّ أحدٍ من الفاسدين شخصيّاً - المسألة تشبه إلى حدّ المطابقة حَكايا الجِنّ، الجميع يحكي والجميع يخاف والجميع يتعوّذ من.... ! لكن لا أحد من الذين أعرفهم شخصيّاً صادف (جنيّاً) بشكلٍ شخصيّ! ( 2 ) العُصَاة والمذنبون يعاقبون بالكوارث، والمؤمنون يُبتلون بها، ونحنُ مأمورون بالإيمان بالقضاء والقدر - وبأنّ أمر الله نافذٌ لا محالة - لذلك يموت النّاس غرقاً أو حرقاً أو عن طريق حوادث السّير على طرقٍ شاء الله أن تكون ضيّقة ورديئة ومتهالكة! أيضاً طبيعي جدّاً أن يكون هناك فقرٌ مدقع وَغِنىً فاحش.. فما دخْلُ الفساد في كل هذه الأشياء؟! - اتّقوا الله - ( 3 ) هل رأى أحدٌ منكم (فاسداً) يحمل "جالون" بنزين ويُشعِل بمدرسة؟! طبعاً لا. هل رأى أحدٌ منكم (فاسداً) يحمل في يده "إزميلاً" ويصنع الحُفَر في طريق النّاس، طبعاً لا! هل رأى أحدٌ منكم (فاسداً) يحتكر السلع ويتلاعب بالأسعار كورق الكوتشينة؟! طبعاً لا! هل رأى أحدٌ منكم (فاسداً) يسرق المال العام عن طريق المناقصات ومشاريع الدولة؟! طبعاً لا! هل رأى أحدٌ منكم (فساداً) تعليميّاً تفوح رائحته من الخارج لتزكم أنوف سُكّان الكوكب في الداخل ويخصّ جامعة رائدة وعريقة؟! - طبعاً لا! هل رأى أحدٌ منكم (فساداً) بأمّ عينه أو عمّتها أو خالتها أو أي أحدٍ من أقاربها؟! طبعاً لا! ( 4 ) لم أشاهد فاسداً - ولا أنتم شاهدتم، فلماذا إذن تشوّهون كوكبنا الجميل - بمثل هذه الإدّعاءات وهذا الوهم؟! كوكبنا المثالي الذي يخاف الله، ويحافظ على القِيَم والفضائل ويحرسها بكافة أشكالها - كوكبنا الذي يُقيم الدنيا ولا يقعدها لو فكّر (فاسدٌ صغير) في أن يستبدل الشّاشة الصغيرة بشاشةٍ كبيرة.. أو لو فكّرت (فاسدةٌ صغيرة) في أن تقود سيّارتها بنفسها! فمن أنتُم أيُّهَا المُدّعُون؟! من أنتُم؟!