قدمت في كتاب سابق "أولئك رجال ونساء أسلموا" قصصاً عن إسلام مجموعة من المهتدين الجدد وأسباب دخولهم في الإسلام ، وكان لكل منهم سببٌ يختلف عن الآخر ، ولكنهم أجمعوا كما هو الحق على أن الإسلام هو دين الفطرة ، ومتى مازالت الغشاوة عن أعين وقلوب البشر ، فإن القلب سينفطر إلى هذا الدين ، ومازلنا نسمع ونقرأ عن إسلام الألوف من الناس يومياً ، بل إن جماعات وقبائل في أفريقيا تدخل في الإسلام أفواجاً ، متخلية عن الوثنية أو الأديان الأخرى ، متى ما وجدوا من يوصل لهم هذا الدين على حقيقته. وأريد أن أقدم أنموذجين لحالتين عجيبتين ، ودخولهما في الإسلام ، على الرغم من أنهم كانوا معادين ، وليسوا محايدين، أولهم كبير مفتشي مكافحة الإرهاب ببريطانيا العقيد ريتشارد فيرلي، وذكر في أسباب اعتناقه الإسلام أن آيات قرآنية غيرت مجرى حياته تماماً ، وفتحت قلبه للهداية والنور ، وإن كان قد أسلم في عام 1993م، وعقب إسلامه وتشويه صورة الإسلام من قبل المغرضين ، عمل على إنشاء رابطة للشرطيين المسلمين في لندن. والحالة الثانية أعجب منها وهو حديث عهد بالإسلام ، وكان قبل بضعة أشهر على منابر البرلمان يحارب الإسلام ، ويطالب بوقف مده ، أتعلمون من هو ؟ إنه القيادي في حزب الشعب السويسري دانيال ستريش ، بعد الحملة التي قادها قبل نحو شهرين لحظر بناء مآذن للمساجد في سويسرا .وهذا الحزب اليميني المتطرف كان ولا يزال معادياً للإسلام ، وهذا الأمر ينسحب على أتباعه وأعضائه وممثليه في البرلمان .. وذكرت المواقع الخاصة بالمراكز الإسلامية في سويسرا ، بأن اعتناق ستريش للإسلام جاء نتيجة قراءة متأنية للتعاليم الإسلامية إبان تزعمه للحملة المناهضة لبناء المآذن ، مما دعا إلى الموافقة على هذه الحملة بعد أن صوت 57.5% من الناخبين في سويسرا لمشروع قانون يقضي بحظر بناء المآذن في البلاد ، بعدما طالبت به منظمات مسيحية بحجة أنها ستؤدي إلى أسلمة البلاد. ونحن إذ نبارك لهؤلاء الدخول في الإسلام ، ونهنئهم بذلك ، ونفرح لهم ، ولسنا نفرح بدخولهم لمجرد أن يكونوا زيادة في عدد المسلمين، فالمكسب لهم وليس للإسلام، فهم السعداء بهذا التحول ، وسيلمسون الفارق بإذن الله في الدنيا ، وما عند الله خير وأبقى في الآخرة ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، فقد تذكرنا قصة إسلام عمر بن الخطاب ، وكيف تحول من معادٍ للإسلام إلى أحد أعمدة الإسلام ، ورجاله الأقوياء بمجرد سماعه آيات من القرآن الكريم. والسؤال الذي يطرح نفسه : إن الإسلام عظيم ، وهو دين الفطرة ، متى ما خالج القلوب فلن يخرج منها إلا بإيمان أصحابها ، فهل استطعنا أن نوصل رسالة الإسلام للآخرين ؟ وهل قدمنا الإسلام بصورته الناصعة ؟ وهل عملنا على تصحيح صورة الإسلام المغلوطة ؟ بالتأكيد لو نجحنا في ذلك لرأينا وسمعنا بالألوف المؤلفة يدخلون في دين الله أفواجاً.