العنوان يذهب بذهن القارئ الى النوع من البشر الذي ينتمي إليه ويعرفه. فناس الليل قد يكونوا أولئك الذين يسهرون في العبادة أو يسهرون في الكتابة واستلهام الابداع. ومن ناس الليل أولئك الذين يحتم عملهم المناوبة في المستشفيات أو في الصحف ووسائل الاعلام التي تضطر كي تخرج للناس في الصباح الباكر بكل المعلومات الشبه مستجدة. فالصحف بالذات لابد لها من عاملين يسهرون الليل لاستكمال المعلومات وتوفيرها مطبوعة منمقة في يد القارئ صباح كل يوم. ومن ناس الليل أولئك الذين يعملون في عالم الجريمة وما يتم في الخفاء ويحتاج الى الظلام لتغطيته وستر فاعليه. انما في اليمن توجد كائنات ليل أخرى يسهرون لأنهم يتناولون القات وبعض الناس منهم لا يستطيع جسمه التعامل مع هذه النبتة سوى بالسهر والأرق والارهاق. فإذا كانت طبيعة وظيفته هي العمل في الصباح فإن ذلك سوف يؤدي الى حالة من ضعف القدرة الانتاجية لا تساوي ساعتين من العمل في فترة الثمان ساعات المطلوبة. ويرتبط بذلك تزايد حالات الاجهاد والاعياء والاصابة بامراض اخرى. وقد يذهب البعض الى التضحية بالوظيفة والعمل في ما يسد الرمق ويكفل تكاليف القات ويكتفي. زوجات محتارات: تابعت خلال الأسبوع الماضي حالة صديقين لي. تشكوا الزوجة من ادمان زوجها على القات. ويكره هو كلمة الادمان ويدعي القدرة على التوقف عنه عندما يشاء. وهو قد يتوقف يوم أو يومين فيصبح عصبيا لايطاق. ما يجعل زوجته توافق على تناوله القات شرط الاعتدال فيحدث ذلك فترة ثم يعود الى حالته السابقة دون تغيير. هو متعلم في امريكا ولديه فرص كبيرة للمساهمة في تطوير بلاده ومجتمعه وحياته. لكن استمتاعه باللحظات القليلة من الشعور بالتركيز التي يمنحها القات له تجعله ينسى كل الوعود والالتزامات. قالت لي زوجته وهي تبكي أي قدوة يمثلها كأب لأولاده؟ انهم لا يستمتعون بوجوده ولا هو عاد يستمتع بوجودهم الا اذا كانوا معه خلال انهماكه في تخزين القات بحضورهم.لم تعد المشكلة في المبالغ التي تصرف على هذه النبتة اللعينة بل في العلاقة الانسانية التي تزداد تفككا كل يوم. وقال لي أن زوجته صارت مصدر هم وقلق له، فهي لم تعد تهتم براحته، ولا تتوقف عن الشكاء طوال الليل والنهار، وتريد دوما منه ان يهتم بها بينما هي لا تهتم به. هو يقول انا كائن ليلي أحب السهر والعمل في المساء حتى مطلع الفجر، وآخذ ملفات العمل معي وانجزها في الليل كما يجب، فلماذا لا تقدر هي رغباتي. عندما استمع اليهما، كل بمفرده أشعر قليلا بالتعاطف مع كل منهما، لكن كراهيتي العميقة للقات لا تسمح لي بأن اتناسى ان هذه النبتة هي السبب الأساسي لهذا النوع من فقدان السعادة المنزلية. [email protected]