رحل عنا الاستاذ حامد بن حسن مطاوع أحد رؤساء التحرير السابقين لجريدة الندوة بعد عطاء ووفاء لهذه المهنة التي كانت تحبو فأعطى لها الكثير وتتلمذ عليه كثير من الصحفيين الذين اثروا في هذا المجال وكان شعلة نشاط وعطاء طوال ستين عاما قضاها في خدمة المواطنين فلجأ اليه الكثير ليحل لهم بعض مشاكلهم التي تعترض طريقهم فيتوسط لهذه ويشفع لذاك تجاه اي مسؤول او جهة من الجهات الحكومية، فقد كانت علاقته بالمسؤولين اكثر من ممتازة، وكان موته مفاجئة بالنسبة للاوساط الصحفية في المملكة لانه لم يعرف عنه اصابته باي مرض اوتأخر في صحته، وقد وافته المنية يوم الثلاثاء الموافق 7 من ربيع الآخر 1431هجرية، رحل عنا احد ابرز رؤساء التحرير المخضرمين فقد ظل قرابة من عشرين عاما رئيس تحرير صحيفة الندوة وكانت هذه الصحفية تلقب "بالمكية" ذات حضور اعلامي قوي وبلغت مجدها في عهده. وكان يشعر القارئ ان هناك رابطة بينه وبين الجريدة بان هذه هي جريدته التي يثق فيها ولايشعر بالغربة عنها، وان كل مايفكر فيه القارئ من حلول لمشاكل وعرض مضامين يجده فيها، الحياد التام في المعالجة بحيث يكون اظهار الحقيقة ومناصرة الحق ولذلك كان يكتب بها مقالات ووجهات نظر تمثل حياداً وانعكاسا لتطلعات ورغبات غالبية القراء، كما اعطى استاذنا الكبير اهتمامه بالقراء بما يكتبونه ويرسلونه واثرى التواصل بينهم وبين الجريدة بمعنى الترابط بحيث لاتكون الجريدة في واد والقراء في واد آخر، وفي عهده نالت من الرواج الاعلامي الكثير والثقة الزائدة في المعلنين وزيادة الاعلانات فقد كانت تحوز على ثقة التجار الكبار وكبار الشركات والهيئات والمؤسسات، فقد كانت الاعلانات تأتي الى الصحيفة بالواسطة والشفاعة كي تقبل الاعلان فيها لا كما يحدث بأن الصحف هي التي تسعى الى الاعلانات والجري وراءها. فالراحل من مواليد مكةالمكرمة عام 1347هجرية، وكانت بدايته القراءة في المسجد الحرام، وبالتحديد عند باب " زياده" ثم التحق بمدرسة الرحمانية حيث امضى ستة اعوام انتقل بعدها الى مدرسة تحضير البعثات في قلعة جبل هندي ودرس فيها ستة سنوات وتخرج منها عام 1364هجرية ثم درس في المؤسسة العلمية الثقافية الشعبية التي انشأها عدد من الطلاب الخريجين العائدين من الخارج لتدريس المحاسبة والاقتصاد واللغة العربية وتخرج منها بعد ثلاث سنوات عام 1367هجرية ، بعدها دخل عالم الصحافة عبر باب صحيفة صوت الحجاز "البلاد حاليا" وكانت وظيفته امينا للصندوق في عام 1374هجرية، ثم رئيسا لقسم المحاسبة ثم مديرا للادارة الصحيفة بعد استئنافها الصدور باسم "البلاد السعودية". وعن تلك الفترة يقول رحمه الله كنت من باب حب الاطلاع والعلم بالشيء اعمل متطوعا بدون اجر مادي في اوقات الفراغ في الفترة المسائية في قسم التصحيح ،وعندما انسحب محمد حسين زيدان رئيس التحرير من منصبه لمعاناته من السفر اليومي بين جدةومكةالمكرمة في ذلك الوقت، تم تكليفي من عبد الله عريف بالقيام باعمال رئيس التحرير حتى اشعار اخرى وكنت وقتها اعمل محاسبا واداريا في مؤسسة الندوة، ولم يكن هناك من اعضاء المؤسسة العاملين سوى عبد الله عريف وانا اما بقية الاعضاء فلا يعرفون العمل الصحفي ولم يكن امامهم غيري فرفع الامر لوزارة الاعلام فجاءت الاجابة " اسندوا رئاسة التحرير لحامد مطاوع". وعن سياسته انه لم يتجاوز يوما الخطوط الحمراء والا لم يبق في منصب رئيس التحرير قرابة العشرين عاما ولكنه كان يعتمد على سياسة معروفة في النشر وهي "ليس هناك مالا ينشر ولكن كيف ينشر". ومن الاوسمة التي حصل عليها لقد حاز على وسام بدرجة قائد من الملك الحسن الثاني ملك المغرب، وكرمته اثنينية عبد المقصود خوجه في رجب عام 1415هجرية وقال عنه الشيخ والاديب عبد المقصود خوجه ان الاستاذ حامد مطاوع يعتبر من الاساتذة الذين قامت على عاتقهم النهضة الصحفية في بلادنا وانه يمتاز بالانتقائية في كتابته فهو لايختار الا المواضيع ذات الصلة بالمواطن وهمومه وان تحدث في شأن دولي فلابد ان تكون صلة وثيقة لمجريات الحياة وانعكاسات على الشأن الداخلي، ولعل المتتبع لكتابته يلاحظ الاسلوب الفريد الذي ينتهجه في تحرير مقالاته فهو يأخذ المادة الصحفية بكل أمانة من مصدرها أيا كان ثم يضعها في قالب أدبي رفيع ويطرزها بالابيات الشعرية المناسبة، والذي يقرأ "كتاب شيء من الحصاد" يستطيع أن يقرأه من ثلاث زوايا، زاوية القارئ العادي الذي تناول الخبر ويقنع بمضمونه، وزاوية القارئ الحصيف الذي يقرأ الخبر ثم يقرأ مابين السطور ليستنبط بعض الافكار ويربط بين كثير من الحقائق والوقائع ، اما المنظور الثالث للقراءة هو المنظور الادبي لان مقالاته ماهي الا قطع ادبية رائعة تشد القارئ الى نسيجها المتناسق وألوانها البهية وعمقها الذي يدل على اطلاع وافر اطلاع ودقة. رحم الله الفقيد وكما قال الشاعر: تاريخك الحلو الجميل مرصع درر من الامجاد باتت تلمع تبقى ويبقى الذكر نفح عاطر والشعر في علياء يتربع