توقف رجل كان يقود سيارة فاخرة، فرأى شاباً أُعجب بسيارته. فسأله: ما بك؟ قال: بارك الله لك فيها! بكم اشتريتها؟ فقال: إنها هدية من أخي! فقال الشاب: نِعْم الأخ. قال الرجل: أظنني أعرف بماذا تفكر! إنك تتمنى أن يكون لك أخ مثل أخي! أليس كذلك؟ فقال الشاب: أبداً! بل أسأل الله أن يرزقني لأهدي أخي مثل هذه السيارة! حقاً إنه شاب مبدع، يفكر بطريقة غير متوقعة! فهل الإبداع موهبة أم يمكن اكتسابه؟ لعل الأمور كلها مواهب، لكن الواقع يشهد بإمكانية اكتسابها! إنما لابد من الرغبة الأكيدة والعزم والتنفيذ. ويكمل ذلك التعلم، والاطلاع، واستلهام الأفكار، ودراسة سير المبدعين، ومخالطة أصحاب العقول الكبيرة، وتدوين الأفكار والخواطر. ومن العوامل المهمة: الثقة بالنفس، ووضع أمنيات كبيرة، وتحديد الأهداف في الحياة، والاستفادة القصوى من الوقت، والتفاؤل، والصبر، والتحلي بروح المبادرة، واستخدام المحفزات. والحياة ليست نجاحاً دوماً، فلنتعلم من تجاربنا وأخطائنا، ولنضاعف جهودنا، ولنتدرب على مهارات جديدة، ولنبحث عن الجديد والأفضل، وبذا يتطور تفكيرنا وأداؤنا. والأفكار الإبداعية تتولد بطرق عديدة كطرح أسئلة غير مألوفة، وبالتفكير بطريقة عكسية. وللإبداع معوقات، منها: الإيحاءات السلبية، والخوف من الخطأ أو الفشل أو النقد، وضعف الهمة، والرضا بالدون، والجبن، والخوف، والخجل، والرضا بالواقع (كقولهم ليس بالإمكان أحسن مما كان)، وعدم المرونة، والتشاؤم، ومخالطة المثبطين والمحبطين. ويقاس التفكير الإبداعي بطلاقة الأفكار وتعددها، وبمرونتها وتنوعها وبُعدها عن النمطية، وأصالتها وجديتها. الأحلام والأماني لا تنفع وحدها! فلابد من العمل، وعدم الملل، لكن مع المرونة، وتغيير الطريقة إذا ثبت عدم نجاحها، بل والبدء من جديد وعدم الإقلاع بسبب العثرات، وعدم استعجال النتائج، ومن وصل إلى النجاح فالاستمرار مطلوب لإضافة نجاحات أخرى. وعلينا أن نسأل باستمرار: ماذا لو؟ وكيف يمكن؟ وعلينا أيضاً أن نحلم بالنجاح ونتصوره حقيقة واقعة. ومن يمتلك الأدوات يصبح سريع البديهة. فهذا شاب تقدم لوظيفة، وفي اختبار المقابلة خيّره المدير بين عشرة أسئلة متوسطة الصعوبة وبين سؤال صعب، فاختار الصعب. فسأله المدير: أيهما يأتي أولاً: الليل أم النهار؟ فقال الشاب: النهار! فسأله المدير: كيف ذاك؟ فأجاب: لقد اتفقنا على سؤال واحد! فقال المدير: أنت الوحيد الذي قَبِل التحدي، وقد أجبت بذكاء، فأنت من يستحق الوظيفة. وشاب آخر سألوه في اختبار المقابلة: كنتَ تقود سيارتك في ليلة عاصفة. فمررت بموقف للحافلات، ورأيت ثلاثة أشخاص ينتظرون الحافلة: امرأة عجوز متوجهة للعلاج في المستشفى، وصديق قديم سبق أن أنقذ حياتك، وخطيبتك. ولديك متسع في سيارتك لراكب واحد فقط. فأيهم ستركبه معك؟ الشاب الفائز من بين مائتي متقدم كان الذي أجاب: سأعطي سيارتي لصديقي وليأخذ معه العجوز للمستشفى، وسأنتظر الحافلة مع خطيبتي. صدق من قال: العلم يجعلك عَلَماً في اختصاصك، والإبداع يجعلك تسيطر على الأمور كلها! كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز