مضت فترة طويلة دون أن نعرف شيئاً عن أخبار ابنة عمتي التي تعيش في مدينة صعدة. منذ ماتت عمتي في صنعاء لم تعد ابنتها تأتي الينا ولم نعد نعرف عنها سوى النزر القليل. وعندما يقع خبر الموت لأي من أقاربنا المشتركين ترسل بالتعزية.حاولنا منذ بدأت الحرب السادسة في صعدة ان نعرف أخبارها ولم يكن هاتفها يرد. وفي الأسبوع الماضي رد الهاتف وسمعنا صوتها، بكت وبكينا معها. أخبرتنا عن بناتها المتزوجات إحداهن زوجها شيخ وفي منزلها في حدود سبعمائة من النازحين تقوم مع بعض النازحات بالطبخ لهم، والأعمال اللازمة لوجودهم بحيث تبدأ أعمالهن منذ الفجر حتى منتصف الليل. قالت ابنة عمتنا إنها لاتحب الذهاب الى ابنتها لأنها تشفق عليها وتحاول مساعدتها فتعود الى منزلها منهكة لأيام.والأبنة الأخرى في قرية مجاورة مع اسرة زوجها ومنذ بدأت الحرب لم ترها بل تسمع اخبارها بالهاتف كلما كان ذلك ممكناً. أما ابنها المصاب بحالة نفسية منذ الطفولة فيأتي يوما ويغيب أسابيع وتبقى هي وحيدة في المنزل، عندما يحدث ضرب ناري على المدينة أو داخلها تحبس نفسها في البيت ايام وتخشى الخروج ويطرق جيرانها بابها مقدمين لها ما يستطيعون من الطعام لمعرفتهم انها لم تتمكن من شراء مصاريف لبيتها. قلنا لها اتركي البيت وتعالي عندنا في صنعاء، لك هنا أسرة وساحة أمان. قالت ولمن أترك البيت؟ فلم نفهم؟ أعدنا الإلحاح فشرحت لنا القصة لوخرجت من البيت قد يدرك المتمردون انه خالٍ من السكان فيدخلونه ويبدأون الضرب منه على الجيش فيرد الجيش ويهدم المنزل.ولو استخدمه الجيش لعدم وجود ساكن به فقد يهاجمه المتمردون ويتم هدمه. والبيت هو كل ما تملك من الدنيا بعد ان باعت ورثها من والديها واشترته. قلنا لها لكن حياتك اكثر قيمة. قالت حياتي بدون بيت أملكه بدون قيمة. * بدون بيت: امرأة أخرى من صعدة، في الطريق عبر الجوف وحتى مأرب، أجهضت طفلها، وعانت من نزيف حاد حتى وصلت صنعاء. قلنا لها ألم يكن بإمكانك البقاء في منزلك حتى تلدي أو تنقشع الغمة. قالت لم يعد لي بيت فقد تم هدمه. سألنا ألم يكن مخيم النازحين في الطريق أقرب وبه الخدمات التي تساعدك. قالت ياعيباه وكيف أدخل عند رجال أغراب ليأخذوني الى خيمة مع غرباء، الموت أرحم. كثيرات من النساء اللواتي يواجهن موقفاً مثل هذا يفضلن الذهاب الى مدن أو قرى يعرفن فيها امرأة واحدة كي يحصلن على المأوى والمساعدة عندما لا يعود أمامهن من خيار آخر في الحياة. مخيمات النازحين يجب أن تدار من قبل النساء أو عدد لابأس به من النساء كي لا تتردد النازحات في طلب المساعدة، بدلا من التضحية بقيمة الحياة. [email protected]