يوم الأربعاء كان آخر يوم عمل لسعادة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية واعتزازي بمعرفة هذا الرجل القدير كانت منذ أن كنت طالباً في جامعة الملك عبدالعزيز فقد درست عنده مادة لغة عربية المستوى الثاني حيث تخصصي كان بعيداً عن كلية الأداب فهو الإدارة والاقتصاد فكان لي شرف معرفته وتواصلت بعد ذلك علاقتي معه إلا أن دارت الأيام فأصبحت تحت رئاسته من خلال عملي مسؤولاً للإعلام والعلاقات العامة بنادي جدة الأدبي الثقافي فكنت أشعر بطموحاته ورغبته في تأسيس مفهوم العمل الثقافي أو بالأصح الإدارة الثقافية على الرغم ما كان يواجهه من معاناة ومتاعب وصعوبات قد تعيق وتعرقل من طموح أي شخص آخر يجلس على نفس المقعد الوظيفي ولكن بدبلوماسيته المعهودة وإصراره المنهجي يذلل جميع المحبطات وباقتناع الطرف الآخر ويعقبه نجاح للفكرة المطروحة فبحق كان لا يعرف اليأس ولا يستسلم للتأويلات والافتراضات والتوقعات الخيالية فكان لكل سؤال يطرح أمامه إجابة منطقية مقنعة حتى في طرحه لأي موضوع سهولة جذابة في إيصال المعلومة وتقبلها .. ومن صفاته الحسنة الجميلة متابعته لكل الجهود التي تبذل من قبل القائمين على العمل الثقافي في كافة أرجاء المملكة من خلال حرصه على إفادة الشخص بأن جهوده مشكورة وأداءه متميز مما يزيد الشخص حماساً وتوقد وإبداع ورغبة في الإنجاز ...ومن مواقفي التي أعتبرها وساماً على صدري وتاجاً على رأسي كان هناك في إحدى المرات وفدا ثقافيا مغاربيا نسائيا يزور نادي جدة الأدبي الثقافي وكانت الساعة تقريباً الحادية عشرة مساء وأثناء إقامة الفعالية وأنا أقف خارج المبنى وإذا بهاتفي النقال يدق وأجد اسم الدكتور عبدالعزيز السبيل فحقيقة لم أصدق ما قرأت ولمجرد لحظات توقعت أن أحد من منسوبي الوزارة الأعزاء يستخدمون هاتفه ليبلغوني بأمر ما من قبل سعادته وأفاجأ بأنه الدكتور بشخصه الكريم ويبلغني بمتابعته لما أقوم به بشأن الوفد وما وصله من معلومات عن دقة التنظيم وحسن الأداء والتميز في الحفاوة بالضيوف وحقيقة سعدت كثيراً بهذا الإتصال والذي أكد من خلاله تقديره الكبير للذين يعملون وإنصاته للذين لا يعملون ويتحدثون أكثر من قدراتهم فكان خير منصت وخير داعم وأفضل متابع .. حقيقة لا أستطيع أن أعطي الأستاذ القدير حقه وقدره فهو غني عن إشادتي ولكن حبي لشخصه وحزني لمغادرته جعل مشاعري تفيض بما تستطيع تجاه هذا المتألق ثقافيا والذي استطاع من خلال مقعده أن يعزز من علاقة مثقفي المملكة بجميع أطرافها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ويزيد من أواصر التعاون والترابط والتعارف بينهم من خلال المناشط الثقافية وأعتقد أنه في السابق لم يكن للعمل الثقافي هذا الصوت القوي من خلال وسائل الإعلام سواء المقروءة والمسموعة المرئية. وأقول للذين أتعبوه بكثرة هجومهم على مؤسساتهم الثقافية وعلى القائمين على إدارتها ليتكم التففتم حوله وساندتموه بدلاً من أن تشغلوه بأن ناديكم يتعمد بإحضار فطائر ساخنة والآخر يقول بأن من لديه كرامة لا يبقى في النادي أقول ليتكم دعمتوه في تحقيق منجزات تبقى للوطن وللثقافة وللتاريخ ولكنه بإصراره استطاع أن يحقق ما يعجز عن تحقيقه المهبطون. وداعاً أستاذنا القدير وهو ليس وداعاً للسبيل المثقف والأديب ولكنه وداع للسبيل الإداري الثقافي الرائع.