فن التراث بطعم "الهيب هوب " أو " الهيب هوب " بنكهة التراث والأصالة ؟ أحياناً يُجْبَر المرء على استماع ما يدور حوله دون تعمد منه .. وقد كان هذا حالي ذات صباح وأنا في طريقي للعمل مع توقعي إلى أن ينشغل الناس والشباب عامة بالأذكار ..أو يستمعوا إلى البرنامج الخفيف الجامع الذي يرافقك إلى باب مكتبك بلطف (بك أصبحنا) ولكن انبعث صوت"فيروز" من إحدى السيارات عند الإشارة .. لا أدري إن كان مسجلاً أم راديو .. مع (الأخوان رحباني) فالناس فيما يعشقون مذاهب: حبيتك تنسيت النوم يا خوفي تنساني حابسني برات النوم وتاركني سهرانة فتذكرت ساعاتها ما جاء في إحدى القنوات الفضائية من أن هناك فرقة موسيقية جديدة في الشرق الأوسط ستقوم بتقديم فن وثقافة (الهيب .. هوب ) وربما يكون من وجهة نظر البعض بأنهم يتذوقون ثقافة (الهيب هوب ) لأنها قد تكون أسلوباً معاصراً من أساليب الحياة يعيشونه بطريقة ترفيهية وتثقيفية في الوقت ذاته، على الرغم من كثرة الزخم والنغم ووابل الأغاني التي امتلأت بها بعض الفضائيات التي يقولون عنها (الحداثة وفن العصر) ، وربما يصعب حصرها إن لم يكن يصعب أيضاً فهم معانيها لدى الكثيرين أمثالي والتي أرهقتنا وسَّدت علينا كل أبواب وساحات ومنافذ فن الأصالة القديم الذي يفيض عذوبة بالمعاني والتعبير ، وليس في معانيها العامرة والغامرة بحب (الحمير) أعزكم الله أو ما شاكلها، وليتهم استمعوا ثم اكتفوا بجميل الشعر والمعاني الأصيلة الصادقة والراقية للشعراء على سبيل المثل قصيدة (من أجل عينيك عشقت الهوى) للفقيد الراحل صاحب السمو الملكي الأميرعبد الله الفيصل يرحمه الله والذي أمتعنا وخلد جميل القصائد وعذب الشعر ورصانته بما يجل عن الوصف والتي يقول فيها : إذا رنا فالزهرُ من حوله موجُ طيوبٍ سال كالجدول وإن شدا أصغتْ إليه الدنُّا إصغاءة الإصباحِ للبلبلِ وإن مشى كان السّها ركبه عبر نجومٍ شعشعت من علِ هذا فؤادي فامتلك أمرَهُ واظلمهُ إن أحببت أو فاعدِلِ ولعل أبلغ ما ورد في حق الشعر وبعض الشعراء نود أن نقوله حتى تسمع أجيالنا أن الشعر وبحوره وأوزانه المصقولة وقوافيه ومعانيه السامية الرفيعة هي كنز وميراث أمة وأجيال وقد قال (الشيخ عايض القرني) زاده الله تعالى علماً وحكمة وفقهاً وورعاً ومحبة ، فهو مرجع زاخر بالمعاني والفهوم والدين والتواضع والشعر والحب وإن شئت فقل (والإتيكيت) جمع الله تعالى فيه أبواباً وعلوماً شتى وفهوماً جمة فيقول مخاطباً المتنبئ في كتابه القيم (إمبراطور الشعراء ): " لقد عاش قبلك وبعدك آلاف الشعراء الذين ملئوا الفضاء ضجيجاً والكون صياحاً ثم ماتوا وماتت أصواتهم وبقيت أنت منشداً للدهر عازفاً على نياط القلوب كما قلت أنت : وما الدهر إلا من رواة قصائدي إذ قلت شعراً أصبح الدهر منشدا يا أبا الطيب أخذنا من قصائدك ما كان شاهداً ومثلا وحكمة وعبرة وتركنا غلوك وهجاءك وصخبك ، وعسى الجيل أن يعود للبيان العربي ليفهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حق الفهم لأن الوحي هو المقصود بالتدبر والتأمل والدراسة أما ما سواه فوسائل وأدوات فحسب " فأين منا هاتيك المعاني.. وهل من باك على ما فات على بعض أجيالنا وبعض الفضائيات من المعاني التي استبدلت بتلك الأشعار والمغاني ؟ وهذه دعوة للجيل أذكرهم بها ونفسي على لسان الشيخ الجليل عايض ليعود للبيان العربي .. وبالله التوفيق .