** فاطمة يا فاطمة فاطمة بنت النبي خذي كتابك.. واقرأي على صدر النبي كان الصوت يأتيه من البعيد كأنه نغم حالم، تذكر تلك الايام عندما كان – الحج – فترة زمنية مختلفة عن كل فترات العام، لا أحد تراه لا يؤدي خدمة من أي أشكال الخدمة – لهذا الضيف العزيز الذي يأتي من أقصى البلاد ويتفحص هذه الوجوه فيرى فيها الطمأنينة والراحة، تقف به راحلته في وسط ذلك الميدان «المناخة» بالمدينةالمنورة تتخطفه ايدي مستقبليه من «ادلاء» او ابناء الادلاء وحتى «صبيان» الادلاء فيؤخذ الى سكنه المعد له سلفاً فتقدم له الضيافة ان كان وقت غذاء او عشاء طعاماً او يقدم له «الحليب بالشاي» ليرتاح ثم يؤخذ الى المسجد النبوي الشريف بصحبة أحد «الابناء» للتشرف بالسلام على رسول الله صلوات الله عليه وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، ثم يؤخذ الى بقية المزارات أحد – القبلتين – السبع المساجد – قباء – البقيع ليجد ذلك الحاج العناية الكافية له: اين كل هذا الآن لقد تحولت العلاقة بين الدليل والحاج الى علاقة خدمة «جواز الحاج» وليس خدمته من قبل الدليل. انه لازال يستمع الى ذلك الصوت القادم من البعيد فاطمة يا فاطمة فاطمة بنت النبي خذي كتابك واقرأي على صدر النبي هذه برحة البقيع اصطف في وسطها جمع من الناس الكل يريد الوصول الى مدخل البقيع بصحبة حجاجه وانتشر حول السور اولئك الباعة والصائحون في نغم استعطافي. «شر بهي» أي بالاردو: أعطينا يا أخي. انه زمن «الجمال» قبل ان يتحول الحج الى لون من الفسحة او السياحة، حيث اصبح هناك حج خمسة نجوم او عشر نجوم فبعد ان كان الحج يمتد الى أشهر تبدأ من شعبان حتى اواخر صفر اصبح الآن في ابعد مدى شهراً واحداً فقط مليئاً بالشحن النفسي. كان ذلك الزمان.. وآه من ذلك الزمان تتحول المدينةالمنورة الى ورشة عمل غير مزعجة بل فيها كل الراحة فالناس شبه حالمين رغم ذلك الجهد الذي يقومون به طوال الاربعة والعشرين ساعة انه زمن «الموسم» مصدر الحركة والحراك الذي لا يهدأ.. اين كل هذا اليوم.. لا شيء منه البتة.