عندما سطع نور الاسلام وتجلت تشريعاته ليعم خيرها البشرية أقام حضارته ونظم حياة اتباعه على العدل والرخاء والسماحة والمسؤولية وضمن في احكامه نظام طبي جعل من أهم مبادئه الاهتمام بصحة الفرد والمجتمع وحث على رعاية الإنسان طبيا بحسن المعالجة وأوجب على المعالج الطبيب مسؤوليات حيث اصبحت توافر الخدمات الطبية مشاعة لجميع الناس كون المريض امانة نفسه في معالجتها امراً واجباً واوجب على الدول والحكومات ان تقوم بتوفيرالرعاية الصحية حفاظا عليهم من العلل والامراض والاضطرابات لينشؤا افرادا اصحاء اقوياء يقول الامام الفقيه العز بن عبد السلام "660ه" : "الطب كالشرع، وضع لجلب مصالح السلامة والعافية ولدرء مفاسد المعاطب والاسقام". وقد علم من الشرع بالضرورة مشروعية التداوي وعدا من الضروريات التي منها حفظ النفس من صحة وازالت علة وتفويت ادنى المصلحتين لتحصيل اعظمهما وهو حفظ حياة الانسان وقررت الشريعة الاسلامية مسؤولية الطبيب المهنية واعتبرت وظيفته العلاجية للمريض محل امانة ومسؤولية وفق ضوابط ابانها الفقه الاسلامي ويمكن اجمالها في الآتي: أولاً: ان يكون تام الخلق صحيح الاعضاء حسن الذكاء جيد الرؤية عاقلاً ذكوراً خير الطبع. ثانياً: أن يكون مأموناً ثقة على الارواح والاموال، لايصف دواء قتالاً ولايعلمه يعالج عدوه بنية صادقة كما يعالج حبيبه كما اشار الى ذلك ابن ابي اصبعة في طبقات الاطباء. ثالثا: ان يكون كتوماً لاسرار المرضى لايبوح بشئ من أمراضهم. وقد اثارني كما استهجن غيري ما كشفه طبيب كان عالج صديقنا وزميلنا الراحل الحبيب الاستاذ الدكتور ناصر الحارثي بكشفه بعض اسرار المريض ونشرها في الاعلام وهو امراً ما كان ينبغي ان يكون طبيب يحافظ على مهنته واسرار مرضاه واذا كان هناك ثمة مصلحة يقتضيها واجب التحقيق الجنائي في حادثة فقد الزميل رحمه الله فان المقتضي الشرعي والانساني والمهني ان تكون في سرية تامة لتنصب في معين مصحلة التحقيق حافظا على عدم التشهير والاضرار والاساءة الى الاهل والمحبين وهو بهذا الكشف احدث جرحاً وكشف مستوراً فلا حول ولاقوة إلا بالله فهل هذا من أخلاق الأطباء؟ استاذ السياسة الشرعية والانظمة عضو مجمع الفقه الاسلامي