حسب الأرقام المنشورة يوجد في العالم نصف مليار مريض نفسي .. منهم 150 مليون شخص مصابون بالاكتئاب .. ولكن ماذا عن نصيبنا من هذه الأرقام ؟!. الإجابة لا نعرفها ولا أظن أن وزارة الصحة لديها إحصائية تقديرية لتخبرنا بها من قبيل العلم بالشيء .. باستثناء الذين يتم علاجهم بمستشفياتها وعياداتها وحجم الطلب على العلاج النفسي . ومع ذلك يمكننا قراءة مؤشرات الأمراض النفسية والعصبية من خلال خطة الوزارة التي أعلن عنها معالي الوزير الدكتور عبد الله الربيعة من إحلال 14 مستشفى للصحة النفسية مما سيرفع السعة السريرية إلى 60 ألف سرير .. تزامنا مع ترتيبات لإصدار نظام الصحة النفسية .. وبحسب تصريح معاليه يوجد 19 مستشفى للصحة النفسية وعلاج الإدمان ورفع العيادات إلى 80 عيادة في هذا المجال .. علما بأن كثيرين يعانون أعراضا نفسية وعصبية إلى حد المرض ولا يطلبون العلاج ويرون معاناتهم ماهي إلا ضغوط حياتية. لنتذكر أولا أن المملكة شاركت دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية الشهر الحالي وشعاره "صحة متكاملة" ونظمت الوزارة والمراكز الصحية والمستشفيات النفسية فعاليات كثيرة. وطبقا لمعالي الوزير الدكتور عبد الله الربيعة فإن الأدوية النفسية الجديدة كلفت الوزارة أكثر من 200 مليون ريال بهدف تحسين جودة الرعاية العلاجية .. فما النتيجة على أرض الواقع؟ إذا كان لدينا هذا العدد من مستشفيات الصحة النفسية والعيادات وغيرها في القطاع الخاص الصحي .. وتوجد لجنة وطنية لرعاية المرضى النفسيين وأسرهم .. فلماذا تتكالب الأمراض النفسية ؟.. ومن أين تأتينا لتصيب أعمار مختلفة .. فتنهش النفوس وتحرق الأعصاب !! وقد أخذت بعض ضحاياها إلى حد بعيد وأخطرها الانتحار ، وحدثت حالات وإن كانت قليلة .. إلا أنها مؤشر على ضرورة التصدي للأمراض النفسية لتكون الصحة متكاملة والنفس مطمئنة . في الأساس .. تقوى الله والمداومة على ذكره سبحانه السبيل الأهم للطمأنينة "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" .. لكن الإنسان قد يواجه إعصارا من الضغوط وهي كثيرة ..ولم تعد تتعلق بأزمة بعينها أو موقف وظروف صعبة .. لكن تعددت الأسباب والنتيجة واحدة . وقد نتفهم العديد من دواعي المرض النفسي ، لكن أليس من الملفت للانتباه أن تأتي من العمل لعطب شديد في الأسلوب الإداري .. ولا تستغربوا فإذا أردتم معرفة ذلك .. فقط اطرحوا سؤالا على شرائح واسعة من الموظفين ، سيأتي الجواب كافيا ليدلنا على حقيقة إدارات تمرض موظفيها ، وتدخلهم في دوامة السلبية والطفش وكراهية العمل .. ومثل هذه الإدارة بالتأكيد فاشلة ولا تعرف كيف تحافظ على استقرار موظفيها ليؤدوا عملهم بأقصى ما عندهم من قدرة وإخلاص .. وهذه الأجواء تنعكس عليها بالفشل الذريع في مهامها . من المؤسف حقا أن توجد أساليب إدارية تساهم في انتشار الأمراض النفسية.. ولأن الأمر يهم وزارة الصحة .. أتمنى لو تقصت ذلك وطالبت بدورات تأهيل نفسي لبعض القيادات الإدارية .. إنقاذا للمئات من الموظفين الذين تتآكل نفسيتهم وسيتقاطرون على مستشفياتها. الإدارات التي لا يهمها نفسية منسوبيها ولا تلقي بالا لاستقرارهم وأدائهم وتسير في الاتجاه الخاطئ .. تسبب خسائر هائلة في الاقتصاد إن كان في ضعف العمل أو في تكلفة العلاج .. وهذا يهم أكثر من طرف إن كان وزارة الصحة في الأساس باعتبارها المعنية بالصحة العامة .. أو في التنمية والاقتصاد وكذا الخدمة المدنية لضمان تهيئة أسباب استقرار العمل . لابد من حلول لهذه الظاهرة حتى لا تصبح الأساليب الإدارية الفاشلة أداة لتفريخ مرضى نفسيين ، ثم نستغرب لماذا ضاقت المستشفيات .. فعالجوا السبب قبل العرض والمرض .. وصححوا المقدمات قبل علاج النتائج. نقطة نظام : الظلم يعجل بالنقمة وتبديل النعمة [email protected]