شدني ما كتبه سعادة أ.د. محمود نديم نحاس في هذه الصفحة السبت الماضي بعنوان " داروين إلى أين؟". ولأن موضوع نظرية داروين أثر على الغرب واندمج فيه العرب والمسلمون أكثر منهم، أجد أنه من المفيد مواصلة ماقاله البروفيسور نحاس ونتحدث عن النظرية الغاية في الأهمية. مكتشف النظرية هو عالم الحيوان ودارس اللاهوت الإنجليزي تشارلز داروين الذي أصدر كتابين بعنوان (أصل الخلائق) و (ظهور الإنسان) والذي نتج من طرحهما ما يعرف بنظرية داروين والتي لها مختصر يعرفه الأغلبية ولكن في نفس الوقت لها ابعاد كثيرة يجب أن يعرفها الغالبية. المختصر الذي يعرفه الغالبية هو أن داروين يصرح بأن الإنسان أصله قرد، ولكن من الأبعاد الكثيرة التي يجب معرفتها هو أن النظرية تدعي: أن الوجود قام بدون خالق،أنه لا يوجد بعث وحساب وأن الحياة واحدة وتصل إلى إنكار مسألة الذنب والمعصية وتعتبرها من صنع الإنسان المتخلف. هذه المفاهيم تسببت في كثير من الهدم الفكري و الاجتماعي عند من اعتقدوا بما قاله داروين و أمنوا به، وقد أثرت قليلاً في من عرفوا أنها تظل نظرية قابلة للتأكيد أو النفي، ولم يسلم منها سوى من هو مؤمن تقي عرف أطوار البشرية والرسالات فوصل به الحال إلى آخرها و أشملها وذلك هو القرآن. فتعلم منه أن داروين يعتبر شخصاً مقصراً في بحثه طالما لم يدرس القرآن، و إن فعل ولم يفهم يكون قد رسب في درجة عالم، لأن العالم لا يتنكر لما يجده من علوم أنزلها خالق النجوم. ما أستغربه من ماضي الزمان كيف لمسلم مؤمن أن يعتقد أو يؤيد هذه النظرية الواضحة الفشل لمن يقرأ القرآن، كيف لنا أن نصدق مخرجات النظرية ولدينا من العلوم والوثائق التاريخية ما يدحضها بمراجع كلها ربانية ونصها آيات قرآنية؟ سؤال لكل إنسان: من غير الله تعالى قادر على قول مثل هذا القول و أكثر؟: " بَلَى? قَادِرِينَ عَلَى? أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4 القيامة)" "خَلَقَ الإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" (4 الرحمن) " أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ" (17 الغاشية). من يسمع هذا القول ويعقله كيف يحق له أن يصدق بداروين؟ للأسف تشير التقارير إلى أن كثيراً من الغربيين وبالذات المؤمنين من أهل الكتاب حاربوا النظرية ولكن تم اسكات أصواتهم لتنفيذ باقي أهدافها والتي على رأسها أن يصدقها الناس فينعدم إيمانهم وتنحط سلوكياتهم فيكون من السهولة السيطرة عليهم، وحدث لهم ما أرادوا وبالذات مع العرب والمسلمين الذين صدقوا بالنظرية و رددوها لسنوات وقامت العديد من الجهات التعليمية بتدريس النظرية على أنها حقيقة علمية. هذا دليل صارخ على هجرنا للقرآن وعدم فهمنا له لأننا نقرأه بعيوننا فولد هجراً في قلوبنا ، لذلك تجدنا نقرأ البيان ونتصرف بغباء لا يليق بإنسان وهذا يدل على أننا أصبحنا نسمع ولا نعقل، لأننا لو عقلنا ما نقرأ لما استطاع داروين أن يقنعنا، ولاستغلينا هذه الفرصة لنشر القرآن كحجة معها برهان و لها الأقدمية لدحض النظرية. ما يجعل نظرية داروين الحديثة تستطيع أن تأخذنا عن فكرنا وبين أيدينا القرآن، يجعل من السهولة بمكان أخذنا بواسطة الأحاديث القدسية والنبوية المفتراة على رسولنا عليه وآله الصلاة والسلام فتجعلنا نختلف لدرجة يصبح بعضنا من شر البرية في حين تجده يظن بأنه خير البرية. وبسبب هذه الأحاديث المتنوعة أصبحنا أحزاباً متعددة وانطبق علينا قوله تعالى: "مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا? كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" (32 الروم) ونسينا القرآن الذي هو أصل البيان ومحكم التبيان من عند خالق الإنسان في كل زمان ومكان. هل ترون حال المسلمين الآن؟ حتى وهم يؤمنون بنفس الكتاب تجد عندهم مختلف الجواب، برغم اتباعهم لنفس القرآن تجدهم لا يتفقون على بيان. لماذا؟ لأنهم نسوا القرآن ونسوا الله فأنساهم أنفسهم، لذلك يسهل على داروين أو بياع التين أن يخرج عليهم بنظرية علمية أو أحاديث مروية فتمشي خلفه البشرية. البعد عن القرآن جعلنا كالطفل عندما يفقد والديه تجده يتبع كل من أمسك بيديه، يتطبع بطباعهم ويتقمص عاداتهم ويجعلها فجأة من الدين، ويصبح ممن تقول له قال الله، فيقول لك قال العالم داروين أو الشيخ مفترون.