عقدت مؤسسة برامج التنمية الثقافية في صنعاء حلقة نقاشية لمجموعة من الابحاث الفقهية قام بها باحثون من الرجال وباحثات من النساء تتحدث عن المواقف المختلفة المؤيدة والمناهضة للمشاركة السياسية للنساء. وكانت معظم الاوراق تتجه نحو توضيح المدى الذي يمكن فيه للمسلمين ان يجدوا سعة في دينهم ليتعاملوا على أساسها مع مستجدات حياتهم وخاصة في القضايا الخلافية التي لم يحدث بشأنها اجماع. وبالرغم ان ملخصات الابحاث التي تم استعراضها كانت متعددة فإن الجميع التزم بالوقت المحدد له، ولم يفرط احد منهم في شرح وجهة نظره. كما كانت التعقيبات والمناقشات منصبة على المواضيع المطروحة دون خروج عنها. والسبب في كل هذا الالتزام هو محدودية الطاقة لدى المشاركين والمشاركات بسبب صيامهم، فكانت نعمة الصيام نعمتين. ولأني كنت مسؤولة عن ادارة حلقة النقاش فقد سعدت بهذا الالتزام وحمدت الله على نتائج مثمرة لنقاش جميل كنت اخشى ان لا يكون كذلك، بفعل الجوع من ناحية ولتعدد ممثلي المدارس الفقهية في اليمن المشاركين في الحلقة من ناحية ثانية. الشارع قصة أخرى: بعد حلقة نقاش ثرية في موضوع ليس سهلاً عدت الى منزلي بعد أذان العصر، وكانت الطريق المعتادة مقطوعة بفعل العمل في نفق جديد ضمن مجموعة الانفاق التي تتزايد في صنعاء في شريانات طرقها المختلفة كنوع من الحل لاختناقات المرور التي بدأت تواجهها العاصمة بين حين وآخر. وهكذا توجهت بسيارتي في طريق جديد لأجد نفسي في عمق زحام احد الاسواق القديمة التي توسعت وخرجت عن الحدود التي كنت أعرفها لتصبح شاملة لمساحة جغرافية كبيرة. ولأن معظم المشتراوات في هذا السوق لها علاقة بالطعام والخبز والفاكهة وغيرها، فقد كان زحام يسببه الجوع يوتر النفوس ويرفع الاصوات ويثير الانفعال. وهكذا وقعت خلف سيارتين احدهما اراد ان يشتري خبزا وهو في سيارته وآخر وجد في توقف السابق وتعطيل الشارع إضرارا مباشرا به. ولولا تدخل شرطي المرور وتدخل سائقين آخرين لربما امتد الشقاق حتى موعد الافطار. يقول بعض المختصين أن الانفعال الذي يحدث بسبب الصيام ينتج عن مادة الادرينالين التي تزيد من حالة التوتر لدى الناس. ويقول المختصون بشؤون اليمن ان الحال يزداد صعوبة مع اليمنيين المدمنيين للقات، نتيجة أن الساعات الثلاث الأخيرة من صيامهم تتوافق مع ساعات تخزين القات التي اعتادوا عليها طوال العام. ويتردد هذا التشخيص كثيرا في وسائل الاعلام ولكن الذين اعتادوا على القات لا يحبون ابداً ان يحدثهم احد عن مضاره. بل يصبح الأمر أكثر حساسية عند المغتربين منهم عندما يقول مواطنو بلدان اخرى رأيهم السلبي فيه. المهم لم تكن مشاركة النساء السياسية هي قضية الشارع، ولم يكن الانفعال في السوق المزدحم فقط بسبب الصيام. بقي القول خواتم مباركة للجميع. [email protected]