كنت في أي محفل يخص رجال الأعمال السعوديين أجدني فخورا بجلهم لما يتمتعون به من وطنية وعصامية بنت ممالكهم التجارية ، حيث إن معظم رجل الأعمال السعوديين بنوا أنفسهم من الصفر واشتهرت عوائل كثيرة من شتى مناطق المملكة ببناء مؤسسات عائلية كبيرة حافظت على كيانها وسمعتها وأسهمت بكل نزاهة في تطور الاقتصاد السعودي وهذه ولله الحمد القاعدة العامة والمشهود لها بالتميز .. وحيث إن لكل قاعدة شواذ فقد لاحظنا في الفترة الأخيرة بكل أسف ومرارة رجال أعمال شذوا عن القاعدة والحمدلله أنهم قلة وسيبقون قلة إذا كان هنالك محاسبة صارمة ، كفيلة بمعاقبة اولئك حاليا وردع من تسول له نفسه مستقبلا مزاولة مثل تلك المخالفات التي تعد وفق الأنظمة من الجرائم الواجب وأدها في مهدها. فقد طالعنا مع نهاية الأسبوع الماضي إعلان هيئة سوق المال السعودية عن صدور قرار نهائي من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بإيقاع عقوبات على رئيس مجلس إحدى الشركات الزراعية وذلك بالسجن مدة ثلاثة أشهر. وإلزامه بدفع المكاسب التي حققها نتيجة تلك المخالفة إلى حساب الهيئة و فرض غرامة مالية عليه مقدارها (100,000) مائة ألف ريال. وكذلك منعه من العمل في الشركات التي تتداول أسهمها في السوق لمدة خمس سنوات. وكنا قبلها قد رأينا كيف تجرأ مدير إحدى المحافظ بأحد البنوك بحكم عضويته من استغلال منصبة وعقد صفقات أسهم بقيمة تجاوزت ( 100) مليون ريال عن طريق ابنه وما سبقها من مخالفات وتم في جميع تلك الحالات استعادة المبالغ والتغريم والمنع من دخول مجالس الإدارات كنافذين، كذلك صدور قرارات عدة بغرامات على بنوك وشركات محافظ. والطامة الكبرى أن وسائل الإعلام تتحدث هذه الأيام عن شركات عائلية تورطت في الحصول على أموال كبيرة دون ان يكون هنالك قدرة على السداد،وربما الخطأ في هذه الجزئية الأخيرة يتجلى من خلال الإندماج مع شركات أجنبية او تسليم الإدارات لأجانب أساءوا أستخدام الصلاحيات. هولاء حقيقة صدمونا ولكن عزاءنا كما أسلفت أنهم قلة، خسروا تقدير واحترام كل من اطلع على ممارساتهم وكيف رضوا بالكسب الحرام الذي لن يجر نفعاً سوى مؤقت ضرره أكثر من نفعه ، كيف سمحوا لأنفسهم بأن يورثوا لأبنائهم اموالاً بطرق غير مشروعة ، وإذا نفذوا من قانون الأرض كيف ينفذون من قانون السماء ..؟ إنهم في حقيقة الأمر أحق بالشفقة وقد انكشف خداع بعضهم والبقية في الطريق بإذن الله متى ما تضافرت الجهود وأنزل العقاب على كل مخالف دون تميّز. فتحية لرجال الأعمال الشرفاء وهم ولله الحمد السواد الأعظم ، وتباً لكل من حاول الثراء على حساب الأرامل والعجزة وسمعة الوطن ونكران الجميل وهم شواذ سيحتقرهم المجتمع وتلاحقهم اللعنات إلا ان يتوبوا ويعلموا بأن الكسب الحلال المشروع هو راحة للباب وأمان من النكبات. هذا وبالله التوفيق جدة ص ب8894 -فاكس 6917993