الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه صواه وأصلي وأسلم على سيد الخلق نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. اما بعد فخلال الاسبوع الماضي عاشت الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة في حزن مطبق، خيم على جميع منسوبيها تضامنا واسفاً لما وقع لأسرة ابن بار من أبنائها المخلصين هو الاستاذ عمر بن أحمد رفاعي مدير الادارة الطبية بالجامعة من حادث مروري راح ضحيته زوجته وابنتاه - تغمدهم الله بواسع رحمته أثناء مرافقتهن له في رحلة الى الصين. ونحن لا نملك الا ان نشاطره الاحزان وان ندعو الله عز وجل له ولجميع افراد اسرته بان يلهمهم الصبر والسلوان. نحن لا نملك الا ان نذكره بقوله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتب من قبل أن نبرأها) وبقوله عز وجل (ما أصاب من مصيبة إلابإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه) نعم ان جميع المصائب مكتوبة في اللوح المحفوظ من قبل ان يخلق الله الانسان. وما من مصيبة تصيب المؤمن في نفسه او في حاله او ولده او أحبابه إلا بقضاء الله وقدره قد سبق بذلك علمه وجرى به قلمه ونفذت بها مشيئته واقتضتها حكمته فإذا آمن المرء بذلك وأسلم وجهه لله فله الثواب الجزيل والأجر الجميل وهدى الله قلبه ورزقه الثبات والرضا. وإلى الأخ الكريم أقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل وأن كنت تعلم أنك أخذت على الدهر عهداً ان يكون لك كما تريد في جميع شؤونك وأطوارك والا يعطيك ولا يمنعك الا كما تحب وتشتهي فأطلق لنفسك في سبيل الحزن عنانها وان كنت تعلم أخلاق الايام في أخذها وردها وعطائها ومنعها وانها لا تندم على منحة تمنحها، حتى تكون عليها راجعة مستردة وإن هذه سنتها وتلك خلتها في جميع ابناء آدم فخفف من حزنك وكفكف من دمعك، فما انت بأول غرض اصابه سهم الزمان، وما مصابك بأول فاجعة في جريدة المصائب ةالأحزان وما المال والاهلون الا ودائع ولابد يوماً أن ترد الودائع. الى الأخ الكريم عمر أقول: ان الله يمتحن عباده ليعلم الذين صبروا فيدخر لهم في دار نعيمه من المثوبة والأجر أضعاف ما كانوا يقدرون لانفسهم من سعادة الحياة الدنيا وهنائها وإليه كذلك أقول: إن الدنيا ليست بدار قرار فلا أصل في البقاء فيها أو الركون اليها وانما هي الجسر الذي يعبر عليه الأحياء الى دارهم الآخرة وكل ما يطمع العقلاء منها ان يكون لهم كما للناس جميعا رفقاء صالحون يعينونهم على قطع تلك الشقة البعيدة ويهونون عليهم ايام وحشتها واذا كانت الدنيا قد حرمتك أيها الصديق العزيز من رفيقة دربك وحياتك ومن ابنتيك فان ذلك قد يكون لحكمة بالغة لا يقدرها الا خالق الموت والحياة تبارك وتعالى. فاللهم لا ريب في حكمتك ولا ظنة في كرمك ولا اعتراض على قضائك وقدرك ولا سخط في ابتلائك ومحنتك اللهم اسكنها وابنتيها فسيح جناتك وانزل على اهلها وذويها الصبر والسلوان وارزقهم نعمة النسيان انك على كل شيء قدير. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين. مدير الجامعة الاسلامية