صور الحياة الزوجية في الجاهلية فيها الكثير من العبر والمواقف التي جسدها حديث السيدة عائشة رضي الله عنها .. وقد أحببت أن أقف معكم على بعض المكارم في التعامل مع الزوجة لنكون أحسن وأفضل مما رواه بعض النسوة عن أزواجهن في الجاهلية .. وأن نتجنب كذلك سوء العشرة مثل ما رواه بعضهن .. فعلى الرغم من صغر سن السيدة عائشة رضي الله عنها لكنها روت وحفظت قولهن من المرة الأولى في حين أن الواحد منا قد يحتاج لأن يعيده عشرات المرات وما هو بحافظ نصف ما روته رضي الله عنها ناهيك عن معانى الكلمات ، وقد تناول كثير من المشايخ هذا الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "جلست إحدى عشرة امرأة ، فتعاهَدْنَ وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً: (فقالت الأولى): زوجي لحم جَملٍ غَثّ، على رأس جبل وعر، لا سهلٌ فيرتقى، ولا سمينٌ فينتقل. وقالت (الثانية): زوجي لا أثير خبره، إني أخاف أن لا أذَرَهُ، إن أذكره أذكرْ عُجَره وبُجَره. وقالت (الثالثة): زوجي العَشَنّق، إن أنْطِقْ أُطلَّق، وإن أسكت أُعَلَّق. وقالت (الرابعة): زوجي كَلَيْلِ تهامةَ، لا حَرَّ ولا قَرَّ، ولا مخافة ولا سآمة. وقالت (الخامسة): زوجي إن دخل فَهِدَ، وإن خرج أسَِدَ، ولا يسأل عما عَهِدَ. وقالت (السادسة): زوجي إن أكل لَف، وإن شَرِبَ اشْتَفَّ،وإن اضطجع التفَّ، ولا يولجُ الكفَّ لِيَعلمَ البَثَّ . وقالت (السابعة): زوجي عَياياءُ (أو غياياءُ) طباقاء، كلُّ داءٍ له داء، شَجَّكِ أو فَلَّكِ،أو جمع كُلاً لَكِ ، وقالت (الثامنة): زوجي المسُّ مسُّ أرنب، والريح ريح زَرْنَبْ.(قالت التاسعة): زوجي رفيعُ العماد، طويل النِّجاد، عظيمُ الرِّماد، قريبُ البيت من الناد. وقالت (العاشرة): زوجي مالكٌ، وما مالِك؟ مالكٌ خير من ذلك، له إبلٌ كثيراتُ المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المِزْهَر أيقنَّ أنهنَّ هَوالك. قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع، فما أبو زرع، أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إلي نفسي، وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنق، فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقنح. أم أبي زرع فما أم أبي زرع، عكومها رداح، وبيتها فساح. ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع، مضجعه كمسل شطبة، ويشبعه ذراع الجفرة. بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع، طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها. جارية أبي زرع فما جارية أبي زرع، لا تبث حديثها تبثيثا، ولا تنقث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشا. قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين، يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلاً سريًا، ركب شريا، وأخذ خطيا، وأراح علي نعمًا ثريا، وأعطاني من كل رائحة زوجًا، وقال: كلي أم زرع، وميري أهلك، قالت: لو جمعت كل شيء أعطانيه، ما بلغ أصغر آنية أبي زرع. قالت : فقال لي رسول الله ( كنتُ لكِ كأبي زرعٍ لأم زرعٍ إلا أني لا أطلقك ) . جعلنا الله في تعاملنا مع أهلينا أفضل من أبي زرع لأم زرع ، ومن لَيْلِ تهامةَ، لا حَرَّ ولا قَرَّ، ولا مخافة ولا سآمة .. آمين