دعونا نسلم بأن لدينا ندرة في المياه وشحًّا في المصادر الطبيعية وهذا من المسلمات التي نتفق عليها جميعا، إلا أننا يجب أن ننظر لموضوع الماء في مكةالمكرمة كحالة خاصة، فالمشكلة أزلية يعاني منها سكان أم القرى طوال العام وفي معظم الأحياء لعدم توفر شبكة للمياه وعدم كفايتها وكفاءتها أحيانا ناهيك عن شبكة الصرف الصحي في الأحياء السكنية الجديدة وهذا موال آخر، أما ما يتعلق بالأحياء السكنية القديمة فجلها أصبح مجرد أسماء وذكرى من الماضي لأن الأحياء تمت إزالتها بالكامل نتيجة للتطور العمراني أو التوسعة الشمالية للحرم المكي الشريف. (حي الشامية العريق، الفلق، حارة الباب، القرارة، الشبيكة، الغزة ....) إن سكان أم القرى يعانون الأمرين في موسم الحج بالذات وخلال موسم العمرة تتكرر نفس المعاناة (حدث ولا حرج) وأصبح الآن والحمد لله طول السنة موسم للعمرة لا حسد (اللهم زد وبارك)، ومع انقطاع الماء والشح الحاصل يبدأ الإعلان غير الرسمي عن بورصة الماء ليصل سعر صهريج الماء في الموسم إلى ألف ريال بالتمام والكمال إنني أسأل: كم ألف ريال في راتب الموظف محدود الدخل أو من هم على باب الكريم، لا نريد أن نسمع من يقول إن الجهة المعنية ما قصرت، قد حددت أسعار الصهاريج (الوايتات) بموجب تسعيرة رسمية لأن الواقع والمكتوب مختلفان عن الحقيقة كاختلاف مياه البحر الأحمر والمياه المحلاة منة، كما أن الأمر لا يقف عند ارتفاع سعر الماء بشكل جنوني بل المعاناة التي تصاحب الحصول على صهريج الماء، وإذا رفضت السعر عليك الإسراع بشراء (الوايت) الأخضر الذي كتب علية غير صالح للشرب، الغريب أننا نسمع عن الكميات الهائلة المنتجة من محطة تحلية الشعيبة القريبة من مكةالمكرمة التي أنفقت عليها الدولة المليارات ولا نتذوق طعم الماء المحلى منها إلا نادرا، فالماء يصل متأخرا لما يقارب العشرين يوما لمن لديه توصيلة ماء,أما البقية فعليهم (التشمير) عن سواعدهم والبحث عن صهريج ماء بأي سعر، وإذا كنا نريد أن نروى عطشنا نذهب لجدة لنشاهد النافورة من مسافة بعيدة خشية الفئران الشاطئية المتربية على الغالي، ولنشرب من البحر بحذر لأن طعم ولون بحر جدة غير. متى يكون لمكةالمكرمة ما يكفيها من مياه الشعيبة، بانتهاء المشاريع الجاري تنفيذها من قبل الجهات المختصة، هذا ما نتمناه أن يكون قريبا، ونرتاح من المعاناة المزمنة لأن مياه الصهاريج بأحجامها وألوانها المختلفة وتمديد الخراطيم وتسرب المياه منها وما ينتج من روائح العادم للسيارات الناقلة وما تسببه من أضرار بالصحة العامة، الأمر الذي يصيب بالملل والاكتئاب، ناهيك عن أن العملية برمتها غير حضارية في بلد حضاري .