لا شك بأن الشركات العائلية السعودية أحد دعائم الاقتصاد الوطني حيث تشير الإحصائيات إلى أنها تمثل ما نسبته 95% من إجمالي الشركات المسجلة بالمملكة باستثمارات قدرت بنحو 250 مليار ريال، و تواجه العديد من هذه الشركات متاعب كثيرة تهدد استمراريتها بسبب سياساتها في الإدارة واعتمادها على الأشخاص المؤسسين بشكل كامل، خصوصا في حال وفاة المؤسس وظهور خلافات بين الورثة، لذلك وانطلاقا من هذه المعطيات فقد أصدر مجلس الغرف السعودية دليلاً إرشادياً من عشر نقاط تركز جميعها على تحول الشركات العائلية إلى مساهمة عامة أو مقفلة وفقا لضوابط وآلية محكمة وضعتها وزارة التجارة والصناعة، وما تواجهه مجموعة سعد المملوكة لرجل الأعمال الشاب معن الصانع وكذلك بعض المؤسسات المالية لمجموعة القصيبي من مشاكل مالية وما قيل عن خلافات بينهما، تعطي إشارة سلبية عن المستوى الذي وصلت إليه بعض الشركات العائلية في المملكة، كما دعت دراسة لمركز دبي المالي العالمي الشركات العائلية في الخليج إلى اتخاذ ست توصيات لكي تحافظ على استمراريتها وانتقال مقاليد السلطة بها إلى أجيال جديدة بشكل سلس، فالقضية لا تمثل ظاهرة في المملكة وحدها، لذا كان الحرص على تحويل الشركات العائلية إلى مساهمة لضمان استمراريتها وصوابية قراراتها وشفافية بياناتها. ولأن معظم تلك الشركات والتي حققت ثروات كبيرة كان مصدرها الأساس هي المشاريع الحكومية، فهي كما ساهمت في بناء الوطن وكان لها دور ريادي عن طريق تنفيذ خطط التنمية الشاملة فقد حققت أيضا مكاسب مالية كبيرة قد لا تتساوى مع قيمة الخدمة نظراً للظروف الاستثنائية التي مرت بها المملكة خلال مرحلة الطفرة، ومن هذا المنطلق و للمحافظة على تلك الشركات وضمان استمراريتها من دخول آجيال جديدة من الشركاء وحدوث خلافات بينهم و لتحقيق التوازن بين الأطراف المختلفة وتوزيع الثروة بشكل عادل وآمن ، فإنني أدعو صاحب القرار والجهات المعنية لاتخاذ آلية مناسبة تهدف إلى تأسيس شركات مساهمة وطنية في مجالات مختلفة تضم المؤسسات العاملة في هذا الحقل كشريك استراتيجي بمساهمة كل من الحكومة والمواطنين، ولنأخذ قطاع المقاولات كمثال نجد أن هناك شركات كبرى مثل بن لادن، وأوجيه، والمباني وغيرهم كان لهم دور أساس في إنجاز الكثير من المشاريع بجودة في الأداء وسرعة في التنفيذ، صحيح أن المقابل كان كبير جدا وقد لا يساوي قيمة الخدمة ولكن كما ذكرت سابقا ظروف المرحلة كانت تتطلب ذلك. أما الآن وحرصا منا على تلك الشركات العائلية من خلافات أو أزمات تهدد استمراريتها (لا سمح الله) وحفاظا على مقدرات الوطن من الهدر والاستغلال، نجد أنه من الأنسب أن يعمل على تأسيس شركة وطنية للمقاولات "مساهمة سعودية" يسند لها تنفيذ وإنجاز جميع المشاريع الحكومية تساهم الدولة بما لا يقل عن 20% ويساهم المواطنون بما لا يقل عن 20% والحصة الباقية توزع على الشركات العاملة في قطاع المقاولات، فتدمج كياناتها تحت مظلة الشركة المساهمة بكل كوادرها وإمكاناتها فتتحقق بذلك مبدأ عدالة توزيع الثروة لأي زيادة في سعر الخدمة المقدمة عن القيمة الحقيقية المدركة للمشاريع المنفذة فيحصل الجميع على فرص متساوية في تحقيق المنفعة. فاكس 6604448 /02 dr.mahmoud @batterjee.com