مؤسستان ثقافيتان في الباحة تحاولان النهوض بالمسرح وهما النادي الأدبي وفرع جمعية الثقافة والفنون إذ نظم النادي قبل عدة أسابيع لقاء مفتوحاً مع المهتمين بالمسرح تأليفا وإخراجا وتمثيلاً لمناقشة محور اللقاء المعنون ب (المسرح في الباحة آمال وتطلعات) وشهد اللقاء الكثير من المداخلات التي تنم عن وعي مسرحي لدى المشاركين وحرصهم على تطوير آلياته، وكانت ورقة العمل التي طرحها الأستاذ محمد ربيع الغامدي هي الورقة الأعمق والتي تحتاج إلى ورش عمل لتفعيلها.. وفي ذات السياق نظم فرع جمعية الثقافة والفنون بالباحة لقاء مماثلاً بعنوان " ماذا يريد المسرحي من لجنة المسرح " وكان ضيق اللقاء أيضاء الأستاذ محمد ربيع الغامدي وللحق أقول بأن ربيع يعد ثروة معرفية في مجال المسرح نظراً لممارسته هذا العمل منذ مايزيد عن 25 عاماً من خلال مسرحي تعليم الباحةوجدة ومسرح نادي السراة الرياضي وكانت فرصة جميلة للاستفادة من خبراته ورؤاه وثقافته المسرحية خصوصاً بعد استقراره حالياً في قريته الحبشي بمنطقة الباحة.وأشار في سياق حديثة إلى عدة نقاط جوهرية من بينها مناداته تحويل المسرح إلى كائن حي يتلمس أحاسيس ومشكلات المجتمع ويرتقي بالذائقة لدى جميع الشرائح والسعي لتطوير المنتج المسرحي وصولا إلى العالمية. والمسرح كما يعرف عنه المهتمون به.. الأداة الثقافية الأهم المعبرة عن العافية الفكرية،، و يختزل زمنا طويلا ويختصر مساحات مكانية واسعة وهو أقوى وسائل التعبير الفني وأكثرها تأثيراً ونجاحاً. ولما يمثله المسرح من أهمية فكرية وثقافية ومعرفية واجتماعية.. فأعتقد أن نجاحه يقوم على عدة أضلاع أولاً أهمية وجود النص المسرحي الجيد والذي يتناغم مع ثقافة المجتمع ويزيد من تحقيق ذلك وجود عدد من المؤلفين المحترفين من أبناء الباحة في مجال التأليف المسرحي، والأسلوب الأمثل من خلال تنظيم دورات تدريبية مكثفة في هذا الصدد، الجانب الآخر.. الإخراج المسرحي ويحتاج إلى ثقافة واسعة وذائقة إبداعية وخبرات متنوعة وإلمام بتقنيات المسرح فالمخرج بمثابة العمود الفقري، أو الترمومتر لإنجاح أو إخفاق العمل المسرحي بكاملة. الإخراج ليس عملاً اجتهاديا يخضع للمزاج بل عمل احترافي يتكئ على الممارسة والتدريب واستيعاب مضامين ودلالات الإخراج. ويأتي دور الممثل كضلع ثالث للنجاح.. إذ يحيل العمل إلى لغة بصرية حية وملموسة أمام الحاضرين يساعده في ذلك الجوانب المكملة على خشبة المسرح، لعبة الأضواء، الصوتيات الإكسسوارات وغيرها. هذا الحراك المسرحي الواعي من هاتين المؤسستين الثقافيتين ستثري المسرح في الباحة وتخرجه من عنق الزجاجة على شريطة التعامل الصادق مع المسرح.. إذ إن المسرح يقدم الفضيلة بكل معانيها فمتى توفرت في القائمين عليه الجانب الأخلاقي سينعكس ايجابياً على النجاح المطلوب. أيها الأحبة.. المسرح الحقيقي لا يقبل المتسلقين والمهرجين على حسابه ولا مدعي المثالية و لا هواة السفططة. المسرح يفتح حضنه للصادقين لأنه يجسد الإنسان بما يمتلكه من أحاسيس ومشاعر ووجدانيات. المسرح هو المعلم الحاذق الذي يسعى لتحقيق شيئين. التعليم والإمتاع. المسرح هو الخبز المعرفي والوعاء الثقافي لأي مجتمع من مجتمعات الدنيا. ** سلطان ثفيد من بين المسرحيين المتميزين المخرج المتألق سلطان ثفيد مخرج مسرحية (اللعب على خيوط الموت) والتي عرضها الفريق المسرحي لفرع جمعية الثقافة والفنون بنجران أثناء الأيام الثقافية السعودية في دولة اليمن الشقيق، ومن حسن حظي أنني شاهدت عرض المسرحية مرتين إحداهما في مدينة صنعاء والأخرى في المكلأ ولحظت علامات الاندهاش والسرور على محيا الحاضرين وقد أشاد بمستوى الإخراج عدد من الأكاديميين المتخصصين في مجال الإخراج. بحكم معرفتي بسلطان ثفيد أعرف أنه لم يدخل بيت المسرحيين كهاوٍ فقط بل أصر على تطوير قدراته من خلال مشاركته في دورات تدريبية متخصصة داخل الوطن وخارجه.. وأمنيتي أن تستفيد منه فروع جمعيات الثقافة والفنون بمناطق المملكة وذلك بتنظيم دورات تدريبية في الإخراج المسرحي، لأن الإخراج فن وعلم وتدريب وخبرة.