يعتبر المسرح الوعاء الثقافي والفكري والفلسفي لأي مجتمع من مجتمعات الدنيا .. إذ يعبر عن النضج المعرفي والعافية الثقافية .. وللمسرح عناصره الهامة .. ومرتكزاته الأساسية التي لايمكن فصلها عن بعضها بل تعد منظومة متلازمة وهي « النص ، الممثل ، الإخراج « تلك الأضلاع الثلاثة مهمّة لإنجاح أي عمل مسرحي على شريطة التناغم والانسجام لتحقق رسالته النبيلة. والنص بمثابة العمود الفقري لأي عمل مسرحي لأن اللغة هي الرابط لفكر وعين المشاهد .. إذ تحكي الكلمة تطلعات الناس وتمسح زجاجة أعينهم لاستجلاء المستقبل فضلاً عن أهميتها في ملامسة أوجاعهم وأزماتهم المتنوعة . وهناك تباين في النص بين المسرح القديم والمسرح الحديث والأخير الذي بدأ ينحو نحو الاختزال والاكتفاء بالكلمات الموجزة ذات الدلالات العميقة التي تفضي إلى أسئلة متشظية تستفز التفكير وتلهب الذهن . أما العنصر الأهم فهو الممثل بما يمتلكه من موهبة ومهارة وثقافة .. ولايمكن أن نوجد مسرحا بضلعين فقط ( نص متميز ومخرج بارع ) دون ثالثهما وهو الممثل الذي تستند إليه عملية إيصال المعنى من خلال التشكيلات البصرية لجسده وملامح وجهه أثناء تأدية دوره فوق خشبة المسرح .. الممثل يحيل اللغة المكتوبة و المغلقة إلى دلالات ذات هدف ومغزى يحيلها إلى نبض ومشاعر .. أمن وخوف .. فرح و حزن ..أمل و آلم .. ينعكس أثرها على المشاهد .. فتبتل عيناه بالدموع أو يصاب بنوبات من الضحك يخرج بعدها وقد امتلأ سروراً .. ويزيد من ألق المسرح .. موجوداته .. كالصوت والضوء والمؤثرات ، والديكور ، والملابس .. وجميعها إذ لم تجد المخرج البارع المتمكن تصبح عبئاً على المسرحية .. لذا مفتاح النجاح في يد المخرج صاحب الذائقة الإبداعية المستوعب تقنيات المسرح ليحدث لها تمازجا وتناغما ليستنطق المسرح.. المخرج المتميز يرى بعينين مختلفتين عن عيني المشاهد .. يرى من زوايا متعددة .. يمزج بين الواقع والخيال .. وهنا يحدث التفاوت بين مخرج تقليدي ومخرج مبدع لنص واحد .. لأن لكل منهما رؤيته الفنية والنفسية والثقافية .. الإخراج رؤية مبتكرة للنص المسرحي ..سواء في الشكل أو المضمون مع أهمية تناغم العناصر الأخرى الإيقاع الحركة الأداء الدرامي التصوير التخيلي .المسرح كما يقول البعض( مكان مكتظ بالزمان وزمان مكتظ بالمكان) ولما يمثله المسرح من أهمية حضارية وثقافية وترويجية تبرز عده أسئلة على السطح . * هل تمكن المسرح السعودي من مواكبة الحراك الثقافي ؟ * كيف يستطيع المسرح جذب أطياف المجتمع ؟ * إلى أي مدى حقق المسرح السعودي توظيف التراث كرافد أساسي للفكر مع أبراز الهوية الثقافية ؟ * هل من أمل لرسم إستراتجية واضحة المعالم لتأسيس مسرح يتجاوز الأطر التقليدية ؟ ولكون المسرح -كما يقول البارز في المجال المسرحي الأستاذ / فهد رده الحارثي - (يمرض ويتألم ويذبل .. يتوجع ويموت ) العمل المسرحي كائن وشيء بديهي أن مايخرج من القلب يصل إلى القلب .. على شريطة الإبداع .. ولا يختلف اثنان في كون المسرح أكثر أنواع الفنون وأقواها تأثيراً في ثقافة المجتمع بجميع شرائحه .. فهو رسالة غير وعظية رسالة إبداعية يحتاج إلى ثقافة واعية من الجهات الاختصاصية خصوصاً جمعية الثقافة والفنون وفروعها في مناطق المملكة .. يعّول على هذه المؤسسات الثقافية الشيء الكثير في رفد المسرح ليكن متوهجاً في أذهان الناس مترسخا في ذاكرة الأجيال . دعونا نفكر عممت وزارة التربية والتعليم قبل عامين دليلا عن تنمية مهارات التفكير في المجال التعليمي.. وزع على جميع المدارس. وتعد خطوة جيدة من أجل الانتقال بطرائق التدريس من التعليم التلقيني إلى التعليم المعتمد على مهارات التفكير ومهارات الإبداع.ورغم مضي عامين كاملين إلا أن الاستفادة من الدليل يعد ضئيلا مقارنة بالمبالغ الباهظة التي صرفت في طباعة وتوزيع الدليل. ويعود السبب إلى أن الوزارة اكتفت فقط في توزيع الدليل على شريحة المعلمين والمشرفين التربويين مع تنظيم دورات محدودة جدا لعدد من المشرفين للقيام بتدريب المعلمين. وأظن أن مشروعا تربويا مهما كهذا يحمل في مضامينه تحويل التعليم من أساليبه التقليدية إلى أساليب إبداعية ابتكارية يحتاج إلى تخطيط مدروس وجهود ضخمة أولها: تهيئة المقررات الدراسية لأن تكون متناغمة مع المشروع ذاته إذ لا مجال لتطبيق مهارة تفكيرية لمقرارت دراسية معده أصلا للحفظ والاستظهار.ثانيا :التخطيط لوضع برامج تدريبية مكثفة لكل المعلمين والمشرفين التربويين والمديرين عن التفكير ,أنواعه ,مجالاته ,وأساليب تطبيقه داخل وخارج حجرات الدرس.ثالثا: الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال التعليم الالكتروني ..هنا يمكن لهذا المشروع أن يحدث نقلة نوعية لتجويد التعليم والتعلم [email protected]