في برنامج Meet the Press (لقاء الصحافة) في فبراير عام 2004، سأل تيم روزيرت الرئيس جورج بوش، في ضوء عدم العثور على أسلحة دمار شامل، : "هل تعتقد أن الحرب في العراق كانت اختيارية أم اضطرارية؟" أجاب بوش: "إنها حرب اضطرارية. في رأيي لم يكن لدينا أي خيار عندما ننظر إلى المعلومات الاستخباراتية التي نظرت إليها والتي تقول إن الرجل (صدام حسين) كان يمثل تهديدا." ربما يكون هذا السؤال قد غرق في مزيج من العبارات في مقال ظهر بصحيفة الواشنطن بوست قبل ثلاثة أشهر لكاتبه ريتشارد هاس، الذي كان مستشارا للسياسة الخارجية في كلتا إدارتي بوش، والآن هو رئيس مجلس العلاقات الخارجية. وريتشارد هاس - صديق لي منذ وقت طويل رغم اختلاف أفكارنا حول السياسة الخارجية- له كتاب سيصدر هذا الشهر عبارة عن مذكرات مطلع عن الحربين الأمريكيتين على العراق، بعنوان "حرب الاضطرار، حرب الاختيار". ومن المحتمل أن تصبح هاتان العبارتان محور ارتكاز الجدال على مدى الشهور أو السنوات القادمة حول الحرب في أفغانستان، وكلاهما مفعمة بالرأي. وحيث إن هذين النظامين يضعان "الواقعيين" (أمثال بوش الأب وأوباما) في مواجهة "المثاليين" (من أمثال ريجان وبوش الابن)، فإن الكلمات المتصادمة تستحق التحليل من حيث منشأها وتباينها. ويستشهد هاس بمايمونيدز العالم اليهودي في القرن الثاني عشر حيث فرّق بين حروب الدين والدفاع "الاضطرارية" والحملات "الاختيارية" لتوسيع الحدود. ووجد جرانت بارتيت، المشارك في موقع القاموس الإلكتروني الجديد Wordnik.com الاستخدام الإنجليزي الأول الذي يضع العبارتين في مواجهة مباشرة مع بعضهما البعض في صحيفة التايمز (لندن) عام 1801. وقد كتب اللورد رومني عن الحرب بين فرنسا وانجلترا التي أدت إلى معاهدة الأميان بعد ذلك بعام: "إنها لم تكن حرب اختيار من جانبنا، ولكنها حرب اضطرار ... لقد دخلنا فيها بهدف حماية قوانيننا ودستورنا وحريتنا وديننا؛ وفي هذا الصدد نجحنا." لاحظ أنه في هذا المثال الأول للعبارتين وقد استخدمتا معا، تم الحط من قدر الحرب الاختيارية إلى حد ما بينما تم استخدام حرب الاضطرار للإشارة إلى حرب مبررة بهدف الدفاع عن النفس. ثم جاء بعد ذلك نابليون؛ والأمير البريطاني ريجنت الذي أصبح بعد ذلك جورج الرابع وأخبر البرلمان في نوفمبر 1813 أن "الحرب التي دخلت فيها قوى التحالف ضد حاكم فرنسا اضطرارية لهزيمة آرائه في السيطرة على العالم." وعلى مدى القرن ونصف القرن الذي تلا ذلك، سادت عبارة الحرب الاضطرارية، وبدأت عبارة حرب الاختيار تتلاشى. ولكن مناحم بيجين، رئيس الوزراء الإسرائيلي في حديثه بالعبرية في الثامن من أغسطس 1982 إلى كلية الدفاع القومية في القدس عن الحرب في لبنان المعروفة ب "عملية السلام من أجل الجليل" قارن بين ما كان يتم ترجمته رسميا ب"حرب بلا بديل" وبين "حرب اختيارية". وقد صنف حرب الاستقلال وحرب اليوم الكبير على أنهما حروب "بلا بديل"، حيث كان القتال فيهما من أجل وجود الأمة بحد ذاته، ولكنه أدرج حملة سيناء وحرب الأيام الستة وعملية لبنان تحت مسمى "حرب اختيارية" – وهو مشابه لما يطلق عليه آخرون "حرب وقائية" – وهي مبررة تماما للدفاع عن النفس ولكن لها بدائل متاحة. وبعد ذلك بعام، كتب كاتب العمود ب التايمز، أنتوني لويس، "في إسرائيل كانت هناك ومازالت انقسامات عميقة حول ما يطلق عليه "حرب الاختيار" – وليس الاضطرار." وخلال العقد التالي، كما يقرر باريت، كانت العبارتان تستخدمان لصراعات متنوعة منها الحرب الاختيارية في البوسنة. وفي التاسع من مارس عام 2003، قام توماس فريدمان بإبراز العبارتين إلى الواجهة الحديثة بخصوص العراق: "إن هذه ليست حربا اضطرارية. ذلك في أفغانستان. أما العراق فهي حرب اختيارية – اختيار شرعي للحفاظ على مصداقية الأممالمتحدة التي تحداها صدام على مدى اثنى عشر عاما." كما أطلق مقال هاس في التايمز في نوفمبر من نفس العام على حرب العراق أيضا حربا اختيارية كمقابل للحرب الاضطرارية، ولكنه أعطاها مفهوما ازدرائيا واضحا. أما اليوم فيستخدم نقاد الفعل العسكري مصطلح "الحرب الاضطرارية" لوصف رد الفعل الذي لا يمكن تجنبه على هجوم مثل بيرل هاربور الذي أدى إلى إعلاننا الرسمي للحرب، بينما يصفون حروبا أخرى بالحروب غير الحكيمة مثل الحروب في كوريا وفيتنام والحرب الراهنة في العراق. وفي الاتجاه المعاكس، ترفض مجموعات الصقور اليوم عبارة "الحرب الاختيارية" بأنها محملة ضد الاستخدام القانوني للقوات المسلحة لتدمير قواعد الإرهاب وحماية المصالح القومية أو القتال بسبب الإساءات لحقوق الإنسان أو الإبادات الجماعية.و في هذا الصدد، ربما يكون على مناصري سياسة أوباما الحالية بمواصلة إرسال قوات أمريكية إلى الحرب في أفغانستان وإعادة النظر في المفهوم الازدرائي للحرب الاختيارية. والجزء المعجمي الدقيق في ذلك: عندما يُعتقد أن هناك هجوما وشيكا وأن هجوما وقائيا مضادا أمر ملح وضروري، فإن الجدال يثار بأن الاختيار أصبح اضطرارا ملحا. الشبيبة العمانية