طائرات امريكية تستهدف ولاية فرح الافغانية فتسلبها ما بقي بها من مشاعر الفرح والحياة وتحولها الى مجزرة ادمية مفتوحة بطلها سلاح الجو الامريكي الذي يفشل مرة اخرى في التمييز بين اهدافه فيوقع على نهاية عشرات النساء والاطفال والشيوخ ويفرض المزيد من التساؤلات ونقاط الاستفهام حول الاستراتيجية الامريكية في افغانستان بعد ثماني سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر وحول اولويات الرئيس اوباما المعلنة وهو الذي ما انفك يردد خطاب التغيير في مختلف توجهاته من الازمات العالقة في العالم بما في ذلك افغانستان في بلد لم يعرف من التغيير غير ما يمكن ان يجره الى الخلف ويبقيه بين الكهوف وخارج متطلبات الحضارة البشرية وبعيدا عن كل اسباب التقدم والرقي في الوقت الذي يقطع فيه العالم العشرية الاول من القرن الواحد والعشرين. مرة اخرى يتكرر المشهد الماساوي في افغانستان ليذكر بمشاهد مماثلة سابقة في العراق وفي لبنان وفلسطين قبل ان يصدر بلاغ صحفي مجهول السند ولا يرقى الى حد الاعتذار ليعلن ان الامر ناجم عن خطإ بشري والنتيجة كما في المرات السابقة عشرات المدنيين من نساء واطفال ورجال يغرقون في دمائهم بعد ان استهدفتهم تلك القنابل التي طالما وصفها اصحابها بالذكية في بيوتهم التي كانت توفر لهم الماوى الامن ولكنها لم تعد بالامنة لاهلها منذ اكثر من ثماني سنوات بعد ان تحولت افغانسان الى حلبة مفتوحة للحرب المعلنة على الارهاب. والواقع ان زيارة وزير الدفاع الامريكي المفاجئة الى هذا البلد لا يمكنها باي حال من الاحوال ان تقلل من حجم المصاب اوتلغي المسؤولية الامريكية ازاء تلك المجزرة الادمية التي استهدفت من قبل مواكب للافراح والعزاء دون ادنى احترام لمشاعر اصحابها ولتلك الجروح العميقة التي المت بهم كما ان اللقاء الذي جمع بين الرئيس اوباما والرئيس الافغاني في البيت الابيض لا يمكنه باي حال من الاحوال ان يخفي حجم الاخطاء الامريكية المتكررة ولا ان يعفي الرئيس قرضاي القادم من امريكا من المسؤولية وهو الذي عجز عن محاربة الفساد والخروج بالمشهد الافغاني الى سطح الارض.. ليست هذه المرة الاولى وقد لا تكون للاسف الاخيرة التي يسقط فيها المدنيون ضحايا اسوا وافظع صراعات المصالح ليدفعوا بذلك من ارواحهم ودمائهم ثمن حرب لم يكن لهم فيها باع ولم يحصدوا معها غير المزيد من الفقر والتشرد والضياع رغم تعدد المؤتمرات والقمم لإعادة اعمار افغانستان وتخليصها من مزارع المخدرات والافيون التي تكتسح الاراضي وتحرم الاهالي والمزارعين من مقومات الحياة الاساسية وتزرع بينهم الياس والموت بدل الحياة والامل... مهما تكن حسابات العسكريين ومن خلفهم مخططات السياسيين والديبلوماسيين فان الاكيد ان سياسة القاء القنابل لا يمكنها باي حال من الاحوال ان تنشر الامن والسلام ولا ان تنتج الديموقراطية بل لعل اخطر ما في هذه السياسة انها لا يمكن الا ان تنبت جيلا ناقما حاقدا لا يحمل في ذاكرته غير صور الموت والخراب والدمار... الصباح التونسية