مابين آونة وأخرى تطالعنا الصحافة بقضايا الخلافات الزوجية والعنف الأسري الذي يمارسه المبتعثون للخارج ضد زوجاتهم لتتحول هذه القضايا إلى المحاكم وأجهزة الأمن وجمعيات التثقيف الأسري هناك فتتلقفها الصحافة الصفراء بالخارج ويشبعونها تشهيرا و تحليلا وإساءة لسمعة بلادنا الغالية وديننا الحنيف وإذا أردنا أن نسبر أغوار هذه المشكلات العائلية ونتعمق في بعدها الإجتماعي نجد أنها نتيجة طبيعية لشباب حديثي العهد بالزواج قليلي الخبرة في أمور الحياة الزوجية التي تتطلب الصبر والحكمة والاستقرار النفسي والاجتماعي لا سيما وأنهم في بلاد الغربة بعيدون عن الأهل والوطن. كما أن مسألة الاقتران الزوجي كانت وليدة اللحظة وتمت في أقصى سرعة . فالأهل لايفضلون ذهاب الابن للدراسة بالخارج إلا برفقة زوجة تكون شريكة له في الغربة تشد من أزره وتحميه من مهاوي الانزلاق فتبدأ رحلة البحث عن هذه الزوجة لدى الخاطبات والمعارف فإذا تم العثور على هذه الزوجة تكون الموافقة تحت إغراءات السفر للخارج وتكملة الدراسة ومكافأة الابتعاث المغرية فقط دون النظر إلى الأمور الأخرى ( ولا يكون العريس المنتظر ) هو فارس الأحلام المأمول لكنها فرصة لا تعوض ونفس الشي ينطبق على المبتعثة التي يرفض الأهل سفرها منفردة للدراسة للخارج فيبدأ الأهل في البحث لها عن زوج مناسب مع بعض التنازلات لمرافقتها في رحلتها الدراسية وتحت نفس المغريات يقبل الشاب الاقتران بها رغم أنها لا تحمل المواصفات المطلوبة في زوجة المستقبل ومن هنا تحدث المشكلات الأسرية خصوصا إذا كان الزوج لم يذهب للدراسة أساسا بل للمرافقة والسياحة فلا يقدر قيمة العلم وفرصة الابتعاث التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لشبابها . ناهيك عن أن الزوجين يفتقران لثقافة الاغتراب وحسن المعاشرة التي تؤدي إلى الاستقرار العاطفي والأسري والذي يؤدي بدوره إلى التفوق الدراسي وهو الغرض الذي جاءا من أجله وقد يظن المبتعثون أن طريق الإبتعاث مفروشة بالورود وأنها رحلة الأمل والسعادة المنتظرة وفي أول عقبة تواجههم يصابون بالإحباط وخيبة الأمل لأنهم أتوا دون خلفية مسبقة لما قد يواجههم في مسيرتهم العلمية لذا بات من الضرورة الملحة إنشاء جمعية للمبتعثين تتولى أمورهم داخليا وخارجيا فتعقد لهم الدورات المكثفة على أيدي كبار المختصصين في الأمور الإجتماعية والعلمية والقانونية والشرعية والإتكيت وفن التعامل بالإضافة إلى المتابعة في دول الإبتعاث عن طريق وسائل الإتصالات والتقنية الحديثة فتكون هذه الجمعية عوضا عن الأهل في الغربة كما تكون عاملا مساعدا للسفارات والملحقيات بالخارج والتي لديها الكثير من المهام وأمام كثافة المبتعثين لا تستطيع تغطية مشكلات المبتعثين الإجتماعية لإنصرافها إلى متابعة المبتعثين أكاديميا وماليا وإداريا ومن مهام هذه الجمعية فتح أبوابها للخريجين ومساعدتهم في البحث عن وظائف مناسبة في القطاع الخاص وتكون همزة الوصل بين الخريج وبين المؤسسات الوطنية بحيث يمكن لهذه الجمعية توفير الكادر المؤهل لكل المهن المطلوبة والمساهمة في عملية الإحلال والتوطين الوظيفي كما تقوم هذه الجمعية بالمساعدة المادية للعائدين وخصوصا المتأهلين أصحاب الأسر من الخريجين حتى يجدوا الوظائف المناسبة لاسيما وأن وزارة التعليم العالي ليست ملزمة بتوظيف هؤلاء الخريجين كما صرح بذلك معالي وكيل وزارة التعليم العالي مؤخرا أما موارد هذه الجمعية فتكون من الهبات والوقف ودعم المؤسسات و الشركات الوطنية والبنوك أسوة بصندوق تنمية الموارد البشرية وببعض الجمعيات التي دعمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين وبعض الأهالي الذين أوقفوا لها الكثير من الأصول الثابتة والمنقولة . إن خمسين ألف مبتعث ومبتعثة هم بلا شك ثروة قومية ووطنية وإنشاء جمعية للمبتعثين من أقل الواجبات نحوهم وجمعية المبتعثين أمل قائم نتمنى تحقيقه. ** وقفة : العين منذ أن فارقت وطنا لاساكنا ألفت ولاسكنا [email protected]