عزل كيان إسرائيل الاستعماري المحتل لاراضي الغير، وعدم اقامة علاقات معه، ومقاطعته اصبح امرا حتميا لعدم استجابته لنداءات الحق الموجهة اليها من بلدان العالم، ولم تقم للهيئة الأممية وقراراتها وزنا، ولم تلق للرأي العام العالمي بالاً، ولم ترد للشعب الفلسطيني حقوقه المغتصبة، ولم تجل عن الاراضي العربية التي استولت عليها بقوة السلاح، ورفضت الانصياع الى مبادرات السلام، وعداوتها المتكررة للشعب الفلسطيني، واعلان الحرب عليهم باستخدام الاسلحة الفتاكة كالطائرات الحربية والدبابات والمدرعات، وكل انواع الاسلحة العسكرية، واقامة الجدار العازل، والحصار الجائر على قطاع غزة. ولن تجلو اسرائيل عن فلسطين العربية المحتلة الا بانزال الهزيمة الماحقة بها، وتحطيم احلامها، وكسر شوكتها، واقرب مثال يحضرني تمكن العرب من احكام عزلتها اثناء حرب رمضان المجيدة، حرب العاشر من رمضان سنة 1393ه الموافق 6 اكتوبر (تشرين الاول) 1973ه، وكان فارسها وبطلها ومهندسها الشهيد فيصل بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه - فقد وضعت المملكة العربية السعودية بقيادة الملك فيصل - الاموال السعودية تحت تصرف معركة رمضان اذ اعلن فيصل - آنذاك - لقد وضعت كل موارد بلادي تحت تصرف المعركة الى ان تعيد اسرائيل جميع الأراضي التي احتلها ويحصل شعب فلسطين على حقوقه المشروعة. وشكل موقف المملكة العربية السعودية في حرب رمضان بالذات صدمة للغرب المناصر للكيان الصهيوني بالنظر للعلاقات الوثيقة التي كانت تربطها بها، واعلن انور السادات: (ان فيصل هو بطل معركة العبور) وسيحتل الصفحات الاولى من تاريخ جهاد العرب، وتحويله من الجمود الى الحركة، ومن الانتظار الى الهجوم). ومع تحرك القوات العربية لتحرير القدس والاراضي العربية المحتلة في حرب رمضان المجيدة عام 1393ه (1973م) من يد اليهود كان في مفهوم العالم الغربي - آنذاك - ان (اسرائيل) من اقوى دول منطقة الشرق العربي (الاوسط) من الناحية العسكرية، ولكن معركة رمضان المجيدة قلبت تلك المفاهيم اذ استطاعت ان تحطم نسبة كبيرة من الدفاعات الاسرائيلية من القوات العسكرية الاسرائيلية. وبرزت الامة العربية كقوة سادسة في العالم جنبا الى جانب القوة العسكرية لكل من الولاياتالمتحدةالامريكية، وروسيا الاتحادية (الاتحاد السوفيتي) والصين واليابان ودول الاتحاد الاوروبي مع استخدام سلاح النفط (البترول) العربي في حرب رمضان المجيدة عام 1393ه. وكان من ثمار هذه الحرب الباسلة: اتخاذ بعض الدول الصناعية الكبرى في العالم كاليابان وفرنسا الحياد التام من نزاع العرب مع اسرائيل. ولقن الملك فيصل - رحمه الله رحمه واسعة - الكيان الصهيوني درساً آخر ان معظم الدول الافريقية التي كانت لها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل اقدمت على مقاطعتها خلال حرب رمضان المجيدة. كما لقن اصدقاء اسرائيل من الدول الغربية درسا لن ينسوه حينما وحد الملك فيصل - طيب الله ثراه - الدول المنتجة للنفط (البترول) في الشرق العربي تحت هدف واحد اكسب بدوره الدول العربية مكانة وأهمية كبرى لدى دول العالم بأسره، وادى الى شل اقتصاديات دول العالم الغربي. وتمكن الفيصل من خلال التضامن الإسلامي تحويل الصراع العربي ضد الصهيونية العالمية الى صراع اسلامي. ان عزل اسرائيل - عربيا واسلاميا - البداية في سلسلة الصراع العربي الاسرائيلي لاخراجها - بإذن الله - من فلسطين العربية التي استولت عليها - ظلماً وعدوانا - وترد الى الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.