بخمسة أحرف تشكلت كلمتان كل منهما تتعمق في خلايا الإنسان، تصف الأولى مشاعر المعاناة بأنواعها النفسي والجسدي، والأخرى التفاؤل والترقب الإيجابي، فالإنسان مليء بالمشاعر الكثيرة، منها الخوف والجسارة، الجرأة والانتصار، الذل والكرامة، العطف والقسوة، البخل والحرمان، وأكثر من تلك الصفات. من أحنها وأهمها صفتان (الألم والأمل) فكل منهما يحمل أهم المشاعر الإنسانية التي تحمل من عمق المعاني الكثير، خمسة أحرف لكل كلمة منهما وبتبدل آخر حرفين منها مكان الآخر! تعطي معنيين مختلفين تماماً شتان ما بينهما. كم من الناس يعاني من الألم النفسي الذي قد يشل حركته ويحاصره كأخطبوط يلتف حوله يقيده ويجبره على البقاء في مكانه فاقداً لكل رغبة في المقاومة! جالساً يحدق في لا شيء تدور الدنيا من حوله وهو في مكانه يعجز حتى عن التفكير، ما أقسى ألم النفس فهو يجري من المألوم مجرى الدم يجسم الكآبة والحزن أمام عينيه ويفقده الأمل والطموح ولا يجد جدوى من امتداد أي يد لنجدته فالألم ليس خارجياً ولا داخل الجسد بل هو في أحاسيس لا مرئية فقط كمسماها مشاعر لا ملمس لها! نعم إنه (الألم) والألم النفسي له مصادر كثيرة منها عندما يقسو الإنسان على أخيه الإنسان فتتغير نظرته للحياة كلها، يرى كل جميل وقد استحال إلى قبيح، يرى الأشجار وكأنها رؤوس الشياطين والأزهار وكأنها نباتات الموت إن لمسها ستطبق عليه وتسحبه إلى عالم مجهول مليء بكل أنواع العذاب. والكلمة الثانية هي (الأمل) ما أجملها من كلمة تحمل في محيط قاموس مشاعرها الكثير، كيف لا وبالأمل يعيش الإنسان وبالتفاؤل تسير حياته، وثريات بداخله تضيء سماءه وتصحبه في يقظته وأحلام سعيدة يغمض عينيه عليها لتواصل معه أثناء نومه أحلى المنامات يعيش فيها وكأنها حقيقة لا خيال، يستيقظ متفائلاً فإذا فتح نافذته في الصباح ستدخل نسائم يوم جديد حاملة على أجنحتها أجمل طاقات الكون، ويأتيه صوت الصباح بأنغام متنوعة منها حفيف أوراق الأشجار وهي تتمايل على أغصانها وزقزقة العصافير وتغريد الكناري يملأ الكون تفاؤلاً وأملاً..فأين أنت أيها الإنسان من تلك الكلمتين؟ أتعيش الألم أم الأمل؟ همسة: وتذكرت جملة قالها أحمد أمين عن الألم: لا شيء يصيرنا عظماء مثل الألم العظيم. وبيت شعر قاله الشاعر الطغرائي: أعللُ النفس بالآمال أرقُبُها .... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل فدعنا نتحدى الصعاب ونثق في تحقيق النجاح فالأمل سيدفعنا لأن نعمل بحب، بإخلاص غير عابئين بمن يحاول أن يجذبنا لعالم الألم، بل لنأخذ نحن بيده لطريق الأمل.