تقف وحيدة هناك تنظر باتجاه حقول كم تمنت أن تراها وعيناها تكشف لها مساحات الطبيعة التي تحيط بها فلا تجد داع لأن تدير رأسها لتتأمل .. كانت دائماً تحلم بأن تذهب لمكان بعيد يغمره الأمان ولا تحمل معها إلا أولئك الذين يسكنون قلبها.. كم تمنت أن ترى أرضا مكسوة بزهور وأشجار ويتخللها نبع صغير على مد البصر.. لتسير فيها مسافات طويلة وإذا تعبت اتكأت على شجرة يكون ساقها أملس لتنقش عليه ما تريد من كلمات.. مستمتعة بتغريد الطيور التي تسكنها تعزف لها ألحان الحنان العذبة لتخرج معها مكنون قلبها الوفير وتكتب بمداد ذلك النبع كل ما تريد، ثم تترك كل شيء لتعود لموعد بينها وبين الشمس قبل المغيب عند ذلك النبع الصافي، لقد عودتها الشمس أن تنتظرها هناك لتغرب في أجمل الأماكن فوق صفحة المياه الرقراقة التي تصور أجمل اللقطات لغروب شمس كل يوم. كم حلمت عند المساء أن يكون بانتظارها عش متواضع تحت الشجرة لتأوي إليه سقفه السماء، فالسماء السوداء بماسات نجومها تحكي قصص الحياة لمن يجيد قراءة الصمت!! وهي تجيدها... آآآه ثم آه..كيف لها أن تحقق كل ذلك أو بعضه؟ ولكن ما لها تتمنى؟ فهي بالخيال تحقق ما تريد! أفاقت على حقيقة نزعت معها أحلامها وجردتها من لحظة هناء حالمة! فالعالم يتهاوى للحضيض والسرور المصطنع يزول لتظهر آلام لقلوب لا تجد الراحة في حجراتها، ترى هل انقلب العالم إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف؟ يقتل وينهب ويسرق كل من أراد بدون عقاب؟..ويقف العالم متفرجاً لا دماء مظلوم تشفع لصاحبها ولا يجدي منظر دمار لجدار بيت كان يأوي إليه قبل أن يصبح إنسانا مُشردا قد دمر بيته بقذائف عدو غاصب للحياة! وعادت لحلمها فأعادت بناء حطام المنازل والعمائر وزرعت الحقول من جديد... في خيالها سوف تحقق حلمها وستنتصر وبلادها على الظلم والجور والعدوان، ستحققه نعم وإن كان حلماً!!!. * قول شاعر: لا تخضعنً فإن دهرك إن رأى=منك الخُضُوع أمدهُ بهوان وإذا رأك قد قصدت لصرفه=بالصبر لاقى الصبر بالإذعان