يتجدد العنف بأشكال مختلفة متلونة بتلون الحالة والظروف التي يكون عليها الشخص المعنف .. فمرة يكون عنفا جسديا ومرة معنويا وأخرى جنسيا حتى يصل إلى العاهات ثم إلى الموت. وقد طلب مني أحد الأصدقاء العاملين في الجهاز الأمني أن أكتب عن العنف المنتهي بالضرب والطرد من المنزل للزوجة في آخر الليل. وقد سمعت منه قصصا مؤلمة ومؤسفة لما وصل إليه حال مجتمعنا وحال الأزواج في هذا العصر. وإن الدوريات تجد في الشوارع في آخر الليل البعض من حالات الطرد للزوجة أو الابنة في حالة يرثى لها ولا شك أن هذا الأمر يتطلب من المجتمع بكافة أدواره ومراكزه وقياداته التنبيه إلى مثل هذه الحالات ووضع الحلول للتوعية وخاصة من القيادات الاجتماعية والدينية والفكرية والتربوية والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين مع وضع قوانين ولوائح مشددة للحد من العنف بكافة أشكاله المختلفة.ولا زال دور المسجد نقول معطلا بالنسبة لتناول مشاكل المجتمع وحقوق الزوجية فالمسجد يتناول حقوق ا لزوج ويترك حقوق الزوجة ولم يتعرض لها كأم وأخت ومربية وصانعة المجد؟" لما جعل دورها يتقلص وينتهي بها المقام إلى انتهاك حقوقها الإنسانية والنفسية والأسرية وأصبح دورها مقتصرا على دور الخادمة والمربية؟ وأصبح الزوج هو المخطط والمستبد الأول لكل ما في البيت حيث لم تشعر المرأة بحقها وكرامتها ولا حتى بشراكتها مع الزوج، حتى ان الأبناء تخطوا أدوارها ولم يصبح لها أي رأي سوى أن تدار من قبل الرجل المستبد بالتهكم والذل وتؤدي وظيفة مفروضة في كل الأحوال. أقول انتهى دور (سي السيد) والاستبداد وبدأ عهد الإنسانية ممثلاً بالوفاء بحقوق الإنسان وتقدير كرامته ومكانته ودوره في المجتمع، والمؤلم والمؤسف أن يعيش بيننا أشخاص يتنفسون الأكسجين مثلنا ويلفظون ثاني أكسيد الكربون.. ويظهرون في أجمل الثياب ووداعة النفس.. على الرغم من اختلافهم في طبيعتهم الفطرية الإنسانية ولا أقول البشرية. فمنهم الكاتب والمسؤول والمثقف والدكتور لا يميز هؤلاء أي شيء عن الإنسان البسيط "غير المتلعم أو غير المثقف" يعيشون معنا بكامل أناقتهم وقواهم العقلية. نلمحهم في الطرقات فنحسبهم قدوة للآخرين! من دون أن نعلم أن هناك خللاً في هؤلاء يعلم اولئك أن الضرب والطرد هما وسيلة العاجز البسيط والبعض منهم كتب أكثر من تعهد في أقسام الشرطة بعدم ضرب زوجته أو ابنته! ولكن كثيراً ما يتجدد العنف في نفوس هؤلاء بأشكال أخرى مختلفة ومنها الطرد من غرفة النوم بقميص النوم بعد منتصف الليل؟ ماذا أسمي مثل هذا الزوج الذي يتجرأ على طرد أم أولاده في آخر الليل إلى الشارع.. دون مراعاة لظروفها أو حقوقها أو إنسانيتها أو عشرتها.. هل مثل هذا الزوج يستحق أن يطلق عليه الأبناء كلمة "بابا"؟ لا شك أن مثل هذا التصرف المشين يجعل الزوج تحت حافة الهاوية خاصة إذا تعددت أخطاء شنيعة منه لا تخطر على بال بشر. قد تؤدي إلى احداث دمار لا أقول في العلاقات الزوجية فقط ولكن على امتداد حياة الأبناء وأهل الزوجين مما يعجل بالتفكك الأسري وضياع الأبناء - فالعلاقة الزوجية أصلا مفقودة منذ عشرات السنين ولكن القشة التي قسمت ظهر البعير لدى الزوجة والأبناء هو الطرد آخر الليل. فالعلاقة بين الزوجين هي أقرب إلى المرض الذي عاشته الزوجة وتكيفت معه لعدم توفر الدواء! وأعود لأقول إن القحط العاطفي والفكري والعقلي هو سبب المعاناة لعدم كفاءة الشريك وهو الزوج المسؤول عن عدم الاستقرار واستمرار الحياة واشاعة الطمأنينة والحب في الأسرة. فالبيت هو من حق الزوجة وهو عشها ومملكتها المتسعة الأطراف.. وليس من حق الزوج طرد الزوجة من المنزل بأية حال من الأحوال تحت أي ظرف عصبي ونفسي في أي وقت كان. فكيف بهذا التصرف الوحشي بطردها بقميص النوم آخر الليل.. أعتقد أنه لا ينم عن شهامة ولا مروءة ولا أخلاق ولا غيرة عند ذلك الرجل الأهوج.. حيث جاء في القرآن الكريم:"لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" فأنصح الزوج عند أي خلاف جوهري وانفلات نفسي وعصبي أن يخرج من البيت ساعة الغضب وليس الزوجة! فلا بد من وضع قوانين صارمة ورادعة لكل تصرف أهوج يصدر عن الزوج ويكره المرأة المصانة للتعرض للتحرش والمعاكسات أو الاختطاف آخر الليل.حيث لا يوجد لدينا نظام رادع في أروقة محاكمنا لمثل هذا التصرف الوحشي؟ فهذا التصرف في نظري أشد من الضرب!؟وأعتقد أنه بهذا التصرف وضع النهاية لحياته الزوجية ويحق لها الانفصال عن هذا الرجل الذي تجرد من مروءته ورجولته ودينه وأخلاقه.