يبدو أن المسألة لم تعد قاصرة على الشباب الذين لم تسمح لهم الظروف بمواصلة دراستهم حتى الثانوية ولا على الذين حصلوا عليها ولم تقبلهم الجامعات أو الكليات ولا الوظائف .لكن القضية تجاوزت كل هذه المعوقات حيث أصبح شرط الالتحاق بالوظيفة العسكرية برتبة "جندي" الحصول على نسبة لاتقل عن 85% واختبار قدرات لا تقل نتيجته عن 65% بالإضافة الى إخضاع طالب الالتحاق بالجندية إلى اجتياز اختبار القبول. وهذا الشرط وغيره من الشروط على الوظائف تؤدي في النهاية إلى مزيد من حجم البطالة وانعكاساتها الاجتماعية السلبية. وكذلك زيادة حجم المعاناة الاسرية مع العاطلين في زمن تتعاظم فيه الاسعار وتتراجع رواتب المتقاعدين بعد الوفاة ببلوغ سن الابناء سنوات العمر التي تفرض إسقاطهم من مستحقات تقاعد آبائهم المتوفين. يحصل هذا في ظل مشاعر الفرحة والاعتزاز التي تعكسها تصريحات المسؤولين في وزارة العمل حين تؤكد زيادة أرقام التأشيرات إلى المملكة وهو إنجاز هام في نظر الوزارة. كما يحصل هذا في ظل الزيادة السنوية في أعداد الخريجين سواء من الجامعات او الثانوية العامة الذين يتوقفون عند سؤال واحد وهم يحملون ملفاتهم .. أين نذهب هذا الصباح؟ .. وهو السؤال الذي يمتد صداه على خارطة الوطن دون إجابة مقنعة لشباب من حقه ان يعيش كريماً في وطنه من خلال توفير فرص العمل. ومن ثم فإنني اعتقد انه من الضروري إعادة النظر في استراتيجية التوظيف من ناحية .. وشروط القبول من الناحية الاخرى .. خاصة في ظل تفاقم الطلب على العمل وشح الوظائف للسعوديين في القطاع الخاص.. وامام الكم الهائل من وظائف التعاقد ودخول العمالة الوافدة إلى المملكة لسد ابواب الفرص على المواطنين .. وبالعودة الى شروط الالتحاق بالجندية نجد ان المبالغة في تحديد سقف النسبة ودرجة القدرات من العوامل التي تعيق طموحات الشباب الذين يريدون خدمة وطنهم وتوفير مصدر للدخل يؤمن حياتهم رغم مواصفات العمل العسكري التي تحتاج الى الصبر والمثابرة والخشونة .. وما اعتقده ان هناك الكثير من الشباب الذين سيتميزون في هذا الجانب رغم قلة نسبة الثانوية من بعض الذين يتجاوزون الرقم المطلوب . ولا أعتقد ان هذه النسبة أياً كان رقمها ستجعل من الجندي قدرة مختلفة خاصة إذا ما أدركنا ان العمل الميداني هو الأكثر مكاناً وممارسة للجنود. ثم انني أود أن اسأل كم كانت نسبة طالبي الشروط من اللجان التي حددت القبول وحكمت على البقية بالحرمان؟ ثم إذا كان هناك كليات عسكرية تقبل نسبة 85% مثل الحرس الوطني والدفاع الجوي والكلية الحربية. فأيهما أكثر اختياراً في حال تساويها مع دورات الجنود المحددة بنفس النسبة طبقاً للإعلان الذي نشرته مديرية الأمن العام؟ ومن هنا فإن الامل هو ان يتدخل أمير الأمن الأمير نايف بن عبد العزيز للحد من هذه الشروط وهو الحريص دائماً على قضية التوظيف منذ زمن بعيد وقد تحمل مسؤولية الدفاع ضد البطالة وضرورة توظيف السعوديين وبالتالي فإن سموه صاحب ريادة في الدعوة إلى توظيف الشباب في القطاعين الخاص والعام.