ارتفعت الطائرة في الهواء حتى استقرت، وإذا بها تهتز قليلاً بعدما اخترقت سُحبا بيضاء مضيئة بدت كجبال من الثلج الأبيض الناصع، وقعت عليها أشعة الشمس وأضاءتها ببريق لم أرَ مثله وأنا أشاهدها من على الأرض... ثم ظهرت صفحة السماء الزرقاء مزينة بسحب متفرقة وهي معلقة بين السماء والأرض تحملها قدرة العزيز الجبار..مجموعة تلو أخرى من السحب، النظر إليها متعة لا تضاهيها متعة.. أتأملها وأتأمل معها عظمة الخالق وقدرته فنحن رُكاب الطائرة معلقون كذلك بين السماء والأرض وتحملنا كذلك رحمة العزيز الجبار محلقين في فضاء ننتقل عبره من قارة لأخرى!! عندما دخلت الطائرة حدود بلادي ظهرت رمال الصحراء الذهبية تستقبلنا و كأنها تحيينا بحرارة ودفء.. رأيت تضاريس الجبال وروعة رسوم نقشتها عوامل التعرية والرياح على أراضيها فتشكلت أروع الرسوم الطبيعية التي لا تستطيع ريشة فنان مضاهاتها.. أحزنتني دوائر مزارع القمح المنزوعة عنها أجهزة الري وهي تستسلم للصحراء فبعضها كاد يختفي لونها في رمال الصحراء وأخرى خضراء تناضل و تستجدي رحمة الله لإمطارها وقد وقفت تتحدى قحط إجباري لحق بها وأرغمها على الاستسلام لغدر البشر بتجفيفها..أواه فقد كانت تنافس الذهب الأسود في إنتاجها حتى عمت شهرتها الآفاق ذهب أصفر يُعد من أفضل ما تستورده بلاد العالم! ترى هل ستعيد السنين القادمة للصحراء عقدها الزمردي ليزينها بيد الفلاح الماهر وليثري موائدنا كفاية وفخراً قبل أن يثري أسواق العالم أجمع مرة أخرى؟. والله رأيت من جمال الصحراء عبر نافذة الطائرة ما جعل قلمي يقف عاجزاً عن التعبير عن وصفه، ولم أملك غير عيناي التي تركت عدستها تلتقط ما يعجز القلم عن تدوينه لتخزنه في عقلي لعل قلمي يبوح يوماً ما ويُشرك قارئي معه في روعة ما رأيت. صدق المتنبي حين قال: وما سمحت لنا الدنيا بشيء ... سوى تعليل نفس بالمحال وسأمني نفسي وقلمي هذا الذي يخذلني ويقف عاجزاً في مواقف كثيرة عن التعبير عن عظمة الخالق المُبدع في هذا الكون الرائع لعله يُزال المحال ويخط قلمي ما أختزنته ذاكرتي...لك الحمد ربي على ما منحت و سبحان الله العظيم ...