انتحر الأستاذ محمود ...ولاغريب في الموضوع فألف محمود وغيره ينتحرون ولا يعرف عنهم أحد، لكن المحير أن الرجل كان من مرتادي العيادات النفسية لما يقرب من العشر سنوات !!لتتوج التجربة بنجاح ساحق ويكون ختامها مسك فقد أنهى الرجل خدماته الحياتية أخيراً فيما يبدو أنها المحصلة الطبيعية لفترة علاج المذكورة أعلاه !!! وهنا نقف ونسأل عما يحدث لنا حين نطرق فجأة باب العلاج النفسي معتقدين انه طوق النجاة؟ !!والحقيقة صادمة، والأرقام فادحة ...فمابين معالجين في حاجة إلى علاج أصلاً، وما بين طرق عقيمة في التداوي أكل عليها الزمان وشرب ندور وتدور مآسينا معنا ...ليبقىالعلاج النفسي في مجتمعاتنا العربية سبباً من أسباب التدهور الصحي والأسري وهذه طامة، فكيف تحولت وسيلة إصلاح ووقاية إلى معول هدم في كثير من الحالات؟ !! بيد أنه وبعد أن تجاوزت مجتمعاتنا عقدة الخجل من الجلوس بين يدي المعالج النفسي، أكتشفنا أن الأمر يتعدى ذلك إلى وجود معاناة حقيقية ولسان الحال ...ليتناما تجرأنا وسلمنا أنفسنا وأسرارنا ليد معالج لا يدرك أهمية وحساسية مهنته !! وإليكم طرحاً لدراسة قدمت تحت مسمى " واقع الطب النفسي في العالم العربي اليوم " ، وجاء فيها أن عدد الأطباء النفسيين العرب ضئيل جداً مقارنةً بالتخصصات الأخرى، في حين نحتاج طبيباً لكل مواطن، فإننا نعاني نقصاً حاداً في هذا التخصص المهم، وأن ضحالة المؤلفات العربية بل عجز الطب النفسي في العالم العربي في تقديم أي مساهمة فعّالة تصل إلى حد السبق العلمي في هذا المجال المهم، ليعد من ضمن الأسباب الأساسية والتي أدت إلى ضعف الأداء وبالتالي سوء النتائج، وهذا كما ورد على لسان الدكتور محمد نابلسي مقدم ورقة البحث بعنوان " واقع الطب النفسي في العالم العربي اليوم " . وشأنها شأن الكثير من مرافقنا الصحية ....تدخلعلى قدميك، لتخرج محمّلاً على الأعناق ...لكن في العلاج النفسي فإنك تخرج إنساناً أكثر سوداوية ...محطم الخطوات ...بعدأن رمتك الظروف تحت يد من لا يرحم !!لتنتحر بنفسك .... وما بين معالج لا يفهم وطبيب نفسي متهور يصرف الدواء بلا وعي كامل تولد تلك المآسي لتكون النتيجة مؤلمة ...والقصص كثيرة عن مرضى آلت بهم الظروف إلى حالات إنتحار وإدمان، وإلتهام مشابك الغسيل نتيجة مرض " الإستبحس " الشهير، وذلك بعد زيارتهم إلى مقر العيادة النفسية والتي كانت في أعينهم الملاذ والمأوى !! من المحاسب وهل يوجد القانون الذي يُراقب ويدرس النتائج وهل توجد الهيئات التي تضمن حقوق المريض وتثبت مدى كفاءة المعالج سواءاً كان طبيباً أو معالجاً نفسياً مخول لمزاولة عمله ... نقر بأهمية العلاج النفسي في زمن مضطرب وقاسٍ ، لكن نفوس العباد قبل أرواحها تئن وتشكي الحال ...فهليأتي اليوم الذي نلقى فيه رعاية تؤهل المتأزمين منّا أن يواجهوا الحياة بقوة وثقة أصحاء غير معتلين ... الوطن بحاجة إلى نفوس سوية وليس لأرواحٍ تفاضل ما بين إنتحارٍ وحياة في ضعف وإستكانة ... دمتم ودام الوطن بخير،،،