أصبحت السياحة صناعة بكل ما تعنيه من دلالات ومضامين وأكبر دليل على ذلك العائدات المالية الضخمة التي تدر على الدول التي لها باع كبير في مجال السياحة . والسياحة لدينا في المملكة العربية السعودية بدأت في فترة متأخرة لأسباب اجتماعية وثقافية إذ أن البعض يرى عدم فائدتها ..إلا أن الشواهد أثبتت عكس هذه الآراء والأقوال التي لا تستند على نهج علمي مما عطل هذا المورد الاقتصادي ردحاً من الزمن حتى رأت الدولة ضرورة تأسيس هيئة عليا تعنى بالسياحة والتي بدأت في وضع قاعدة معلوماتية دقيقة عن المواقع الأثرية والسياحية في جميع مناطق المملكة وإعداد البرامج وتنظيم الدورات التدريبية من أجل التثقيف السياحي مع إطلاق الحملات الدعائية عن مزايا المناطق السياحية .ورغم أن تلك الجهود جميلة بل رائعة إلا أنها لا تكفي لتصنيع السياحة ..إذ لابد من تضافر جهود المرافق الخدمية وجميع شرائح المجتمع لتخطيط سياحي بعيد المدى ومنطقة الباحة واحدة من مناطق المملكة التي وجدت اهتماماً ودعماً من الهيئة العليا للسياحة لعدة أسباب أولها : لكونها أكثر مناطق المملكة من حيث الكثافة الشجرية كما يوجد بها مايزيد عن 200 قرية تراثية وتعد أنها واسطة العقد بين أبرز منطقتين سياحيتين وهما عسير والطائف و هي المنتجع الجبلي الأول حسب تصنيف الهيئة العليا للسياحة . وخضعت المنطقة لدراسة ميدانية ..وخلصت بتوصيات واقتراحات في مجملها تشير إلى أنها مقبلة على إشراقة سياحية ..مما يؤكد ذلك التزايد في نسبة الزائرين للباحة من عام لآخر ..وفي الباحة مايزيد عن 40 غابة بعضها مازالت بكراً فضلاً عن الأودية ذات المناظر الآسرة والجبال المتشحة بملاءات بيضاء من السحب وكل ذلك يزيد من رصيدها السياحي ..وحتى يتحقق النجاح للسياحة سواء في الباحة أو غيرها ينبغي أن تتوفر الثقافة السياحية لدى جميع شرائح المجتمع فالإنسان هو العنصر المهم في نجاح أو إخفاق السياحة بوعيه وإدراكه لما تحققه السياحة من رفد للمورد الاقتصادي .وبطبيعةالحال السائح يهمه بالدرجة الأولى غسل همومه ومتاعبه من جراء العمل المتواصل طوال العام .وذلك بالاستجمام البريء في مكان يشعر فيه وعائلته بالراحة والاستمتاع ..وحتى يتحقق ذلك لابد من وجود السكن النظيف والطريق المرصوف والناس الذين يتحلون بدماثة الخلق وحسن استقبال الزوار بدءاً بالابتسامة الصادقة ..والمساعدة متى احتاج إليها الزائر ..لأنها تخلد في ذاكرته .وإن كانت أعمالاً بسيطة ..أما المصالح الحكومية فلا بد أن تتوحد جهودها لعزف متناغم يخدم السياحة ..إذ إن السائح يهمه الخدمات الجيدة ..سواء من القطاع الحكومي أو القطاع الخاص كتوفير المطاعم ، الملاهي ، الحدائق ، الفنادق .القرى السياحية . ولا نغفل أبداً دور المؤسسات الأخرى كالغرفة التجارية والنادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون وذلك بتنظيم المعارض التجارية ..وتوزيع الخرائط الجغرافية والبيانات الدقيقة عن المواقع السياحية وأبعادها ..وتنظيم البرامج الثقافية والتراثية والشعبية والرياضية والفنية .. لابد أن ندرك أن التخطيط السياحي نوع من أنواع التخطيط التنموي ..وهو عبارة عن إجراءات مقصودة ومنظمة تهدف إلى الاستخدام الأمثل لعناصر الجذب السياحي لذا نحتاج إلى أساليب جيدة في التسويق لنتمكن من تنشيط الحركة السياحية ..والتي بدروها تؤثر إيجاباً في إعطاء الفرص الوظيفية وزيادة الدخول الفردية كما تقلل من حركة الهجرة من الريف إلى المدينة . السياحة أيها السادة تحتاج إلى جهد كبير ومنظم إذا أردنا سياحة ناجحة بكل ماتعنيه من دلالات . ومضة : في الأسبوع الماضي قام الأستاذ الدكتور عبداللطيف النافع والدكتور محمد الماص والدكتور أحمد إمبابي بزيارة لمنطقة الباحة من أجل تهيئة طلاب المملكة للمشاركة في مسابقة اولمبياد الجغرافيا والذي يقام في دولة تونس ..وقد دهشوا مما شاهدوه في الباحة ..وقال الدكتور النافع بأن شجرة ضخمة تتوسط قرية الحدب ببني كبير كفيلة بجذب عدد كبير من المهتمين بالنباتات ..مستغرباً عدم قيام المجمع القروي ببني كبير بوضع لوحات إرشادية لموقع الشجرة .