مع قرب أفول 2009 يجمع العديد من المراقبين والمحللين السعوديين على أن التسمية الصحيحة للعام المنتهي هي "عام الكوارث"، بالنظر للظروف والأحداث التي جاءت مختلفة ومؤثرة وصادمة في الكثير منها، وليس آخرها كارثة سيول جدة التي أدت إلى وفاة نحو 120 شخصاً حتى الآن، وفقدان 42 شخصاً آخرين وفقاً لبيانات رسمية، بينما تقدر مصادر طبية أن يتجاوز عدد الضحايا 150 شخصاً، فضلاً عن الخسائر المادية التي تقدر بمليارات الدولارات. وفي التقرير الذي نشرته وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أكدت أن في مقدمة مسلسل هذه الكوارث والأحداث تواصل نكبات سوق الأسهم السعودية منذ شباط (فبراير) 2006. أما على المسار الصحي، فجاء هجوم حمى الضنك ووباء انفلونزا الخنازير ليشكل تحدياً كبيراً في اجتياحه لعدد من المناطق على وجه الخصوص، حيث يرى المراقبون أن السعودية تحتل الصفوف الأولى بين البلدان التي أصيبت بهذا الداء وساهم في ذلك توافد المعتمرين والحجاج من نحو 183 دولة وبأعداد فاقت 3 مليون نسمة. قبل ذلك كان هناك زلزال وبركان العيص وحرة الشرقية والمدينة في غرب البلاد الذي ضرب المنطقة في أيار (مايو) الماضي ودام ما يزيد على ثلاثة أشهر وبلغ عدد الهزات ما يزيد على 1400 هزة أرضية، ولكن غالبيتها العظمى كانت ضعيفة جداً، إذ بلغت قوة الزلزال الأقوى بين سلسلة الزلازل التي ضربت المنطقة 5.39 درجات على مقياس ريختر. وبلغ عدد النازحين من منطقة العيص وقراها أكثر من 2700 أسرة. حرب ضد التسلل الحوثي ومن جهة أخرى شكّل دخول السعودية الحرب ضد المتمردين منذ الثالث من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وحتى الآن، وما ترتب على ذلك من خسائر في الأرواح وفقدان بعض العسكريين السعوديين إلى جانب التكاليف المادية الناتجة عن تحريك ألوية القوات السعودية مع معداتها وآلياتها إلى مناطق القتال، وبالذات من منطقتي تبوك وحفر الباطن وعسير شكل تغيرات واضحة وملموسة. ويؤكد دبلوماسي غربي في العاصمة السعودية، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن الرياض أبلغت طهران أخيراً أن عليها أن "تكف عن دعم الحوثيين وإلا فإنها ستضطر إلى كشف معلومات موثقة حصلت عليها من أسرى حوثيين وصوماليين وإرتريين تؤكد وتكشف حجم الدعم الإيراني للمتمردين ومدى تدخل طهران في الشؤون الداخلية في اليمن ومحاولتها فتح جرح دائم النزف في خاصرتها الجنوبية". ويضيف المصدر أن الرياض لاتزال في انتظار الرد الإيراني قبل أن تكسر الرياض "جدار الصمت" وتعلن للملأ ما تملكه من حقائق. التصدي لمنهجية جديدة من الإرهاب هذا في الوقت الذي استمر فيه تنظيم القاعدة في محاولاته ضرب أهداف استراتيجية داخل البلاد، كان أهمها محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز نجل وزير الداخلية ومساعده للشؤون الأمنية في قصره في جدة في آب (أغسطس) الماضي، وهو الأمير الذي يشار إليه بالقبضة الحديدية التي ضربت رأس القاعدة في شبه الجزيرة العربية، كما عُرف عنه تبنيه برنامج المناصحة القائم على حوار "الفئات الإرهابية الضالة". ولم تكن تلك المحاولة الإرهابية الفاشلة لاغتيال الأمير الأولى حيث سبقتها محاولتان، كانت الأولى في عام 2004 بتفجير استهدف وزارة الداخلية السعودية، حيث وقع الهجوم بالقرب من مكتب الأمير، أما المحاولة الثانية فحدثت في أواخر عام 2008 في إحدى الدول المجاورة عندما كان الأمير يستقل طائرته الخاصة، وكان هناك مخطط لتفجيرها بهجوم صاروخي قبل أن يتم إحباطه. هذا المنحنى الخطير في استهداف أفراد من العائلة المالكة منذ بدء موجة من أعمال العنف من قبل متعاطفين مع تنظيم القاعدة في عام 2003 في محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار في المملكة تصاعد كثيراً خصوصاً مع كشف الأمير طلال بن عبدالعزيز عن قيام أحد المتمردين الحوثيين بمحاولة تفجير نفسه بالقرب من نائب وزير الدفاع والطيران الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز، أثناء زيارته التفقدية لقوات بلاده على الشريط الحدودي مع اليمن الشهر الماضي، في زيارة أحيطت بالسرية عكس زيارات مساعده للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان الذي يحرص على تسليط الأضواء على جولاته التفقدية وزياراته للعسكريين. وفي وقت سابق أعلنت السلطات السعودية اعتقال 44 متشدداً على صلة بالقاعدة وضبط متفجرات وأجهزة تفجير وأسلحة نارية. انحسار رياضي وعلى صعيد آخر، ربما أقل حساسية لكنه كان ذا تأثير عميق آخر، تجرع السعوديون مرارة خروج المنتخب السعودي من تصفيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا بعد تعادله مع المنتخب البحريني (2-2) في إياب الملحق الآسيوي على أرضه وبين جمهوره، وهي المرة الأولى التي يغيب فيها المنتخب السعودي عن نهائيات كأس العالم منذ مشاركته في الولاياتالمتحدةالأمريكية 1994ما يفرض عليه الانتظار حتى 2014 لمحاولة التأهل مجدداً إلى كأس العالم، ما شكل صدمة لكل السعوديين الذين اعتبروا ما حدث أسوأ انتكاسة يمر بها الأخضر في تاريخه الحديث. تنافر مذهبي وفيما تتناوب الأزمات ظهر منها ما خلقه تنافر مذهبي مثل ما شهدته خلال الفترة من 20 و24 شباط (فبراير) 2009 مما عرف بأحداث البقيع، وهي مواجهات حدثت بين رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومتظاهرين شيعة سعوديين وإيرانيين، أسفرت بحسب تقارير إعلامية عن إصابة 7 شيعة واعتقال 9 على الأقل عندما حاول أكثر من 1000 شخص من الرجال والنساء والأطفال من الطائفة الشيعية الدخول إلى المقابر في الوقت غير المخصص للزيارة قبل مغيب الشمس كما تقول السلطات. وبحسب تقرير الوكالة فإن تلك الأحداث أججت عبر مواقع في الإنترنت مطالبات بالتظاهر والاعتصام من أجل إطلاق سراح المعتقلين والسماح بزيارة المقابر قبل أن يطلق سراحهم في الأخير. ثم تصاعد التأزم بين البلدين ليصل إلى الساحة اللبنانية على خلفية الانتخابات النيابية اللبنانية التي أثمرت عن فوز قوى الغالبية النيابية "14 آذار" المقربة من إطار دول "الاعتدال العربي"بقيادة السعودية وعدد من عواصم الغرب على حساب المعارضة المنضوية ضمن تحالف "8 آذار" تحت قيادة حزب الله المتحالف مع دمشقوطهران بدعم سوري في مقابل تحسين العلاقات بين دمشقوالرياض ودعم الأخيرة لمواقف سوريا أمام العواصم الكبرى المؤثرة وبالذات واشنطن لينتقل الصراع بين الجانبين (الإيراني السعودي) بعد ذلك إلى الساحة اليمنية، حيث يحظى المتمردون الحوثيون بدعم إيراني وفقاً للحكومة اليمنية إضافة إلى معلومات استخباراتية سعودية. خلاف مع الأشقاء هذا فيما ظلت بعض الانكسارات الخفيفة من النوع الذي لا يؤثر في العمق تظهر ما بين فترة وأخرى بين الأشقاء في الخليج، مثل ما شهدته الرياض من احتقان مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ما لبث أن انفجر حين أعلنت الإمارات انسحابها من خطة الوحدة النقدية في أيار (مايو) احتجاجاً على قرار اختيار العاصمة السعودية الرياض مقراً للبنك المركزي الخليجي الذي سيحدد السياسة النقدية الواجبة التطبيق في دول مجلس التعاون الخليجي. وقالت الإمارات في أيار (مايو) إنها ستدرس العودة إلى خطة الوحدة النقدية إذا تغيرت الشروط ووافقت جاراتها على أن تكون الإمارات مقراً للبنك المركزي الخليجي، وهو أمر يستبعده الكثيرون خاصة بعد أزمة دبي المالية. هذا فيما وقعت أربع دول خليجية في الرياض اتفاقاً لإقامة وحدة نقدية تكون محورها المملكة العربية السعودية وتضم إلى جانبها كلاً من قطر والبحرين والكويت بعدما أصبحت الإمارات ثاني دولة تنسحب من المشروع بعد عُمان. استياء من وعود واشنطن وعلى الصعيد الدولي كشف مصدر سعودي رفيع المستوى لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في مجلس خاص أن العلاقات بين بلاده وواشنطن "تمر حالياً بمرحلة يطغى عليها لوم وعتب سعودي على الإدارة الأمريكية لتقاعسها عن وعودها بشأن دعم قيام دولة فلسطينية استناداً إلى مبادرة السلام العربية وغياب ضغوطها المؤثرة في الحكومة العبرية بشأن وقف الاستيطان الإسرائيلي"، مشيراً إلى وعود أمريكية بإرسال المبعوث الأمريكي إلى المنطقة الشهر المقبل في محاولة جديدة لدفع جهود السلام في المنطقة. المصدر : العربية نت